عن النضال في فتوره وقوّته

عن النضال... في فتوره وقوّته

عن النضال... في فتوره وقوّته

 عمان اليوم -

عن النضال في فتوره وقوّته

بقلم:د. آمال موسى

يتخذ معنى النضال في حديثنا وتمثلنا له، طابعاً يغلب عليه الحنين وكأنَّه معنى ارتبط بزمن ولَّى، واليوم هو زمن مضاد لهذه الفكرة من منطلق أنَّ سياقاته انتهت تقريباً، وبانتفاء ذلك انحسر ودبَّ الموت في جسد هذا المعنى.

المشكل أنَّ الذاكرة اليوم تستحضره بوصفه مفهوماً معاصراً ارتبط بثورات التحرر الوطني، ومعارك الاستقلال الوطنية التي خاضتها الشعوب والنخب ضد الكيانات الاستعمارية.

لذلك بعد حدوث الاستقلال في غالبية الدول التي كانت مستعمرة ساد الاعتقاد أنْ لم يعد للنضال من موجب. بل إنَّ الأمر وصل إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث عُدّت المنتوجات الثقافية التي تم إبداعها في إطار النضالية الثقافية الفنية انتهت صلاحيتها وحققت هدفها ولم تعد وظيفية.

الواضح من هذا الفهم أن فكرة النضال وجعلها محصورة وفي ارتباط وثيق وعضوي بالاستعمار وبزواله في أغلب البلدان التي كانت مستعمرة قد سقطت أو ضعفت.

غير أن سياقات التمثل وما رافقته من تصدعات، لا تعني أنَّ ما تمَّ صحيحٌ ومنطقي وذلك لأسباب عدة. كما أنَّ المشكل الأساسي يكمن في خطأ ربط النضال بمقاومة الاستعمار فقط.

أيضاً، هل فعلاً انتهى الاستعمار؟ ألم تدرك نخب الشعوب التي نالت استقلالها بالنضال والاستماتة والدم أنَّها انتهت من شكل الاستعمار المباشر وانتقلت إلى واقع جديد أكثر التباساً يتمثل في الهيمنة والتبعية، وهما أكثر خطورة وتعقيداً من الاستعمار المباشر، الشيء الذي يستوجب نضالاً بشكل مختلف؟

إذن، نحن هنا نقر بوجود ديناميكية في معاني النضال والنضاليّة والمناضل، وهي ديناميكية تطول آليات النضال لا فكرة النضال نفسها.

فالنضال فعل موازٍ لحياة البشرية: دينياً نتحدث عن مفهوم الجهاد ضد النفس، وهو نضال يعيشه الفرد المؤمن ضد نفسه اللوامة، ويمثل صورة من النضال الذاتي الداخلي الذي لا يُتناول باعتبار أنَّ النضال نطلقه ضد ما هو خارج عنا وليس ما يعتمل داخل الفرد.

من ناحية ثانية، وبالنظر إلى التحديات والمفارقات والمشكلات المتراكمة فإنَّ الإنسانية معنية بإحياء فكرة النضال وجعلها فكرة مرتبطة بالوجود الاجتماعي ذاته. ونعتقد أن المفاهيم المجاورة التي أصبحت أكثر استعمالاً على غرار «المناهضة» و«المعالجة» و«التصدي» على أهميتها، من المهم ألا تمحو من خطابنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي معنى النضال.

فاليوم هناك حروب عدة في الوقت نفسه، ومن الأسلحة التي نحتاج إليها وبكميات هائلة سلاح الروح النضالية، من أجل خوض معارك عويصة؛ على غرار النضال ضد الفقر والأمية والعنف، والنضال الأكبر من أجل سيادة الأوطان في عصر العولمة والهيمنة، وحقها في تقرير مصيرها فعلاً وقولاً، وحتى التنازلات التي تُقدّم يجب أن تكون بسبب استحقاق الانفتاح والتبادل والتعاون وليس التبعية.

بل إنه من غير الممكن اليوم في ظل الإنهاك الذي أصاب دولاً وشعوباً عدة بسبب جائحة الكورونا وما بعدها، أن تعاود الوقوف دون استحثاث همم الشعوب من أجل النضال التنموي ومعالجة التداعيات التي حصلت في مجالات عدة.

ولا يرتبط النضال فقط بالمجال السياسي الذي بات يَعرف إخفاقاً في تمرير هذه الفكرة، خاصة بالنسبة إلى الأحزاب، وإنما اليوم انتقل - دون أن ننتبه إلى ذلك - إلى مجال الاقتصاد، حيث إن تحديات التنمية وتأثيرات تغييرات المناخ ومشكلات البنية التحتية... كل هذا وغيره يشترط وجوباً روحاً نضالية... روحاً نضالية تستميت في حلم بناء أوطان يسهل ويحلو فيها العيش.

كما أنَّ النضال لا يهم فقط الحق في تقرير المصير ولا يقتصر عليه، رغم أهمية هذا الحق وجوهريته، بدليل أنه إلى اليوم لا يزال النضال في بلدان عدة، من أجل تحقيق الحقوق الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي مختلف الدساتير والصكوك الدولية ذات الصلة. ونقصد بذلك الحق في التعليم والصحة.

فالنضال فعل دائم مستمر كبقاء الشعوب - ويشمل الجميع - المتقدمة منها والسائرة في طريق النمو. والفرق بين النضال في سياق بلد متقدم وآخر في طريقه إلى ذلك، هو أن النضال يكون أشد وأقوى؛ لأن التحديات موجعة أكثر ومثقلة للكاهل أكثر فأكثر.

ويمكن القول إنَّ كلَّ المعارك النبيلة هي من أجل العدالة والمساواة والرفاه وتكافؤ الفرص بين الجميع، فالنضال هو الحل: النضال بالعمل والمناصرة ورفع الوعي ونشره. وبقدر نبل الهدف يكون النضال حاضراً وبقوة.

omantoday

GMT 19:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 19:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 19:53 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 19:52 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 19:51 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 19:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 19:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

GMT 19:47 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا طاح الليل...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن النضال في فتوره وقوّته عن النضال في فتوره وقوّته



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 عمان اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab