المبادرة العربية  الحل الوحيد للسلام

المبادرة العربية .. الحل الوحيد للسلام

المبادرة العربية .. الحل الوحيد للسلام

 عمان اليوم -

المبادرة العربية  الحل الوحيد للسلام

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

يَعِنّ للمرء التساؤل بعد نحو عقدَيْن من الزمان على طرح المبادرة للعربيّة للسلام والتي قَدّمتْها المملكةُ العربيّة السعوديّة عام 2002: "هل كان هناك في أيّ لحظةٍ زمنيّة منذ العالم 1948 وحتّى الساعة حلٌّ أنفع وأرفع للطرفَيْن الفلسطينيّ والإسرائيليّ من تلك المبادرة؟

التساؤل يكتسي أهمّيّة خاصّة هذه الأيّام، لا سِيّما في ضوء تصاعد الأعمال العسكريّة في قطاع غزّة، واحتقان الضّفّة الغربيّة، وتراجُع أنصار معسكر السلام في العالم العربيّ، بعد أن كانت العمليّة السلميّة قد اكتسبت زخمًا، ربّما كان كفيلاً بإحداث تغييرات جوهريّة في هذه المنطقة التي بات الموت فيها عادة.
يُخَيَّل للمرء أنّه لو كانت إسرائيل قد قَبِلتْ المبادرة التي أطلقها الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز (وليّ العهد وقتها) ومضت في طريق الموافقة على إنشاء دولة فلسطينيّة مُعترَف بها دوليًّا على حدود يونيو/حزيران 1967، والتوصّل لحَلّ عادل لمشكلة اللاجئين، وفي المقابل اعتبار النزاع العربيّ الإسرائيلي منتهيًا، والدخول في مرحلة إقامة علاقات طبيعيّة مع إسرائيل، لكان شكل المنطقة قد تغَيَّرَ جملةً وتفصيلاً، ولأضحى السلامُ حقيقةً واقعة، ولَجَنَتْ الأجيال العربيّة والإسرائيلية ثمارَه الناضجة.

أدمنت الحكومات الإسرائيليّة تسويف الوقت والتلاعب بأحاديث السلام، أملاً في كسب المزيد من الوقت، الذي يضمن لها قضم ما تَبَقَّى من الأراضي الفلسطينيّة، وحتى تصبح قصة إقامة دولة فلسطينيّة مُفَرَّغةً من أيّ معنى أو مبنى.

تبدو اليوم حكومة نتانياهو وكأنها عازمة كلّ العزم على تصفية القضِيّة الفلسطينِيّة، عبر التفكير الذي لا تداريه أو تواريه، والخاصّ بتفريغ فلسطين التاريخيّة من شعبها الأصليّ، تارة عبر إزاحة الفلسطينيّين في غَزّة لجهة شبه جزيرة سيناء، وتارة أخرى من خلال التفكير المُؤَكَّد في "ترانسفير" لسكان الضفة الغربِيّة جهة الأردن.

ليس سِرًّا القول إنّ أصوات المُتَشَدِّدين إلى حَدِّ المتطرّفين في الداخل الإسرائيليّ باتت هي الأعلى في حاضرات أيّامنا، وبخاصّة بعد عمليّة السابع من أكتوبر/تشرين أول المنصرم، وغالبُ الظنّ أنّ هذا المشهد سيسود لفترة طويلة قادمة، سِيّما مع الاعتراف الإسرائيليّ بأنّ الحرب في غزة قد تَمْتَدّ إلى عام وأكثر.

عِقْدان من الزمن راوغت فيهما إسرائيل، ولهذا لم تُحْرِز سلامًا حقيقيًّا ناجحا، ولا هَيَّأتْ الأجواء لأمنٍ حقيقِي يسود المنطقة، ولهذا لم يكن من الغريب أو العجيب أن يشتعل الداخلُ الفلسطينيّ كلَّ عِدّة سنوات.
يومًا تلو الآخر تبذل إسرائيل الجهود لا لكي تُعَمِّقَ تعايشًا يفضي إلى السلام في نهاية المطاف، بل للفرار من أيّة استحقاقات سِلْميّة، معتبرةً أنّ أيّ اتفاقِيّات سلام سوف تُكَبِّل يدَيْها، وتتهَرّب حتى من القيود الأمريكيّة الطفيفة الموضوعة عليها عن طريق أفعال أحاديّة الجانب تُسَهِّل لها اقتطاع أفضل الأراضي في الضفّة الغربيّة، تاركة الفلسطينِيّين المُعدَمين في بقعة صغيرة مُمَزَّقة إلى شظايا متباعدة من أراضيهم، عطفًا على احتجاز عشرات الآلاف من السجناء العرب.
ما هي العَقَبة الكؤود في طريق السلام في الأرض المحتلّة؟
من غير اختصار مُخِلٍّ، تَتَمثّل في إيمان الكثيرين داخل إسرائيل بأنّ لهم الحَقّ في الاستيلاء على أراضي أصحابها الأصلِيّين، عبر ذرائع لا يمكن أن تُقْبَل عقلاً أو نَقْلاً، إضافةً إلى محاولاتهم المستمرّة والمستقرّة لتبرير الاضطهاد المتزايد للفلسطينِيّين، والجهود التي تُبذَل لإخضاعهم، والعُهدة هنا على الراوي الرئيس الأمريكيّ الأسبق جيمي كارتر، في مُؤلَّفه الشهير "فلسطين: سلام لا تفرقة عنصريّة".
دائمًا كان رهان إسرائيل على حصان القُوّة المُسلَّحة، على الآلة العسكرية وبطشها، لكن فات القيادات هناك عبر ثمانية عقود تقريبًا أنّ ترسانة الأسلحة الجهنميّة التي تمتلكها، يمكنها أن تحدث موتًا وخرابًا في البشر والحجر، لكنها لا تستطيع أن تقتل إرادة الحياة والبقاء عند أصحاب الأرض من الفلسطينِيّين.
وسط المذابح الحادثة في قطاع غزة، والتعبير والتوصيف هنا مَرْجِعُه مؤسّسة "أطبّاء بلا حدود" العالميّة، يرتفع أحد الأصوات الإسرائيلية التي شغلتْ منصبًا رسميًّا في البلاد، مُذَكِّرًا بأنّ ما طرحتْه المملكة العربيّة السعوديّة قبل عشرين عامًا هو الحلّ وليس من حلٍّ آخر سواه.

في مقال له عبر صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، رأى الكاتب الإسرائيليّ، مائير شتريت، الوزير السابق، "أنّ مبادرة السلام لعام 2002 تبقى الحلّ الوحيد للسلام المستدام بالنسبة للإسرائيلِيّين وللمنطقة كلِّها".
مقال شتريت جاء تحت عنوان "في ظلّ الحرب بغَزّة.. هذا هو الحلّ الوحيد للسلام المستدام بالنسبة لنا".
هنا يبدو أنّ الوزير الإسرائيليّ، قد رأى عبر أعْيُنِ زرقاء اليمامة، أنّه ما من حلولٍ سحريّة لتحقيق السلام والاستقرار في إسرائيل والمنطقة، ولكنّه يعتقد أنّ هناك حلاًّ ممكنًا وصحيحًا للمأزق الحاليّ، وهو المبادرة السعوديّة.
يكشف شتريت السببَ وراء ضياع هذه الفرصة التاريخيّة، إذ يعتبر أنّه لسوء الحظ، على الرغم من أنّ الاقتراحَ موجودٌ منذ عام 2002، إلّا أنّ جميع رؤساء الوزراء في إسرائيل منذ ذلك الحين لم يستجيبوا له، ولم يفعلوا شيئًا حياله، على الرغم من أن معظمهم قالوا إنّها فكرة جَيّدة.
في مقاله المهمّ والمثير، يكشف لنا شتريت، كيف أنّه اقترح على رئيس الوزراء أرئيل شارون وقتها، عِوَضًا عن تنفيذ خطّة فَكّ الارتباط والانسحاب من غزة، الذهاب إلى المملكة العربيّة السعوديّة، صاحبة المبادرة، وبما لها من تاثير أدبيّ ومعنويّ، ودعم ماليّ للفلسطينِيّين ومساندة إنسانية طوال عقود المحنة وسنوات النكبة، أن يذهب إلى الرياض ليناقش أبعاد المبادرة.
اقترح شتريت وقتها عَقْدَ اجتماع في القدس أو الرياض لكلّ العرب، يجمع الدول الشريكة في المبادرة التي تُمَثِّلُ حَلاًّ شاملاً لإنهاء الصراع.
هل حكومات إسرائيل المتعاقبة في العشرين سنة الماضية هي حكومات ضياع فرصة السلام مع العرب جميعهم وليس مع الفلسطينِيّين فحسب؟
مقال الوزير الإسرائيليّ السابق يقطع بأنّ ذلك كذلك قولاً وفعلاً، فشارون رغم أنّه في قرارة نفسه كان يعتقد أنّها فكرة جَيِّدة، ذهب إلى فَكّ الارتباط مع غزّة وشمال الضفّة، فيما إيهود أولمرت رأى أنّها فكرةٌ جيّدة وتَوَقَّفَ عند ذلك الحَدّ، وبلغ الأمر حدَّ تأسيس شتريت لوبي في الكنيست الإسرائيليّ مُكَوَّنًا من 42 عضوًا من مختلف الفصائل، لكن لم يتمَكَّنْ أحدٌ من دَفْع المبادرة.
هل من أملٍ لأن يستمع نتانياهو اليوم؟
يخشى المرء أنّ ذلك أوانه قد فات، وبخاصّة في ظلّ رؤيته حول نوايا حماس تدمير دولة إسرائيل في الحال، ورغبة منظّمة التحرير الفلسطينِيّة في إنهاء إسرائيل دفعةً وراءَ أخرى.
لا يفيد اسرائيل البقاء إلى الأبد على حَدِّ السيف، فيما الاعتماد على دعمٍ مطلَقٍ ولا نهائيٍّ أمريكيّ شعبويّ ونُخْبوِيّ لمواقفها المُتَعَنِّتة أمرٌ من قبيل الحلم غير الواقعيّ ...
الخلاصة .. المبادرة العربيّة للسلام للعام 2002 ... الضامن الوحيد لحلّ أزمة صراع طال ومُرَشَّحٍ لأن يستَمِرّ لعقود .. هل من عاقلٍ أو راشد بينهم في واشنطن وتلّ أبيب معًا؟

omantoday

GMT 14:27 2023 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

دور السحر في الحرب الراهنة على غزّة

GMT 14:21 2023 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

لبنان ساحة لصدامٍ مستمر!

GMT 18:33 2023 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من الهدنة لوقف إطلاق النار

GMT 23:43 2023 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شجاعة أهل غزة!

GMT 10:56 2023 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

العقد الجماعي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبادرة العربية  الحل الوحيد للسلام المبادرة العربية  الحل الوحيد للسلام



إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

مسقط - عمان اليوم

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 عمان اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:05 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
 عمان اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab