إعادة زيارة للإعلام في دول الخليج

إعادة زيارة للإعلام في دول الخليج

إعادة زيارة للإعلام في دول الخليج

 عمان اليوم -

إعادة زيارة للإعلام في دول الخليج

بقلم : محمد الرميحي

قال وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري في لقاء تلفزيوني إنه غير راض على أداء مجلس الإعلام الخليجي، وفنّد ذلك بما هو موجود من تصريحه الشجاع على النت، وذهب ذلك التصريح بسرعة إلى الاختفاء، رغم أهميته وموقع قائله، فهو رجل تدرج في العمل الإعلامي الحديث ويعرف أسراره وأيضاً مثالبه.

هذه المقالة ليست للتعليق على التصريح، فهي موجودة لمن يريد أن يقرأ، ولكنها محاولة للمساهمة في طرح القضايا التي تؤرق المتابع لهذه الأجهزة منذ فترة، في مرحلة مفصلية من التطور في المنطقة، وأيضاً مرحلة إقليمية ودولية بالغة الاضطراب تحتاج المنطقة فيها إلى أذرع إعلامية مستنيرة، تواكب التحديات وتتصدى للدس والخرافة، في فضاء أصبح فيه الانفجار الإعلامي حقيقة وليس مجازاً، مع التحفظ في نقطتين، الأولى أقصد هنا الأغلبية وليس الكل، والثانية أن الحراك الثقافي الضخم في الخليج تتقاعس وسائل الإعلام عن اللحاق به!

هناك أربع قضايا مركزية من بين عدد الملاحظات التي يمكن إبرازها في هذا الموضوع:

أولاً: غياب الاستراتيجية العامة لوسيلة الإعلام، أو عدد من الوسائل التي تديرها في الغالب الدولة الخليجية، أو تقدم لها المعونة المالية. تلك الاستراتيجية ليست واضحة، بل ربما تكون بعض وسائلها متعاكسة. كمثال، فإن المعروف أن الحركات السياسية التي تلبس ملابس الإسلام هي حركات انقلابية، وتسعى جاهدة لخلخلة النسيج الاجتماعي الخليجي وإلحاقه بالفوضى العارمة في الجوار، إلا أن بعض، وقد أقول كثيراً، من وسائل الإعلام، وبخاصة المرئية، تروّج، بقصد أو من دون قصد، لإشاعة الشعوذة، عن طريق برامج أو استضافة أشخاص يعززون الفكر والتصورات الأسطورية المفارقة للعقل السليم عبر التفاسير التي تحلو لهم من التراث، مشيعين الخدر الديني، وتوسيع رقعة المقدسات. ويأتي ذلك في صورة برامج تسمى "دينية" وتجد أن من يقوم بها خالي الذهن عن مقاصد الشريعة، يركز في ما يقول على الكثير من القصص الخرافية التي سمعها أو قرأها من دون بصيرة، ويعتبرها مسلمات، مثل تلك البرامج تتيح فرصاً أكبر للتجنيد في قطاع الشباب بخاصة، ومع تراكمها تخلق تياراً مضاداً لخطط الدولة المدنية المرتجاة.

ذلك مثال في الغموض الاستراتيجي، وهو أيضاً ينصبّ على القطاعات السياسية والاجتماعية والثقافية في المجال الإعلامي، إذ تترك لمعدي تلك البرامج المساحة غير المقيدة بأهداف الدولة المدنية، ويتم التواصل مع الضيوف في اللحظة الأخيرة للحديث من دون الكثير من المعلومات الخلفية للموضوع أو الموضوعات المراد طرحها، ويسجل البرنامج بمن حضر وتزجى الألقاب المضخمة، وأكثرها مضلل، على المتحدثين، فتُحوّل الموظف إلى أستاذ في العلاقات الدولية، ومن لم يطلق رصاصة في حياته إلى خبير عسكري!

ثانياً: التدريب أو المهنية، فالكثير من المتعاطين بالشأن الإعلامي (الرسمي) يفتقدون التدريب المناسب لمتطلبات عملهم (أو عملهن)، بدءاً بفقدان العمق المعرفي، وهو مكتسب لا يأتي إلا بالقراءة العميقة. غياب العمق المعرفي يتجلى بوضوح في البرامج الحوارية، ويكاد المتابع يلمح عملية ببغاوية لدى بعض المقدمين، من نطق الأسماء بشكل غير صحيح في أبسط الأشياء، إلى طرح المفاهيم، فإن قابل أحدهم شخصاً اسمه "عَمرو" بفتح العين، من دون ذكر الواو، ينطقه "عمرووو"، وهو اسم غير موجود في العربية، عدا أسماء الأماكن والأشخاص. سبب ذلك هو قصور في التعليم والتدريب، وقد عقد مؤتمر القمة العربية الأخيرة في البحرين في منطقة الصِّخير (بكسر الصاد)، ونطقت بضم الصاد في أغلب نشرات الأخبار!

من جانب آخر، فإن بعض الأصوات لا تصلح لأن تخرج على الناس، فالصوت له أهمية لدى المستمع أو المشاهد، ولا أعتقد أن الاختبار الصوتي له أهمية لدى من يقرر أن يفرضه على المستمع، وبعض الأصوات منفرة إلى حد مزعج، أو تتحدث بالعامية المحكية، وبالتالي تصرف المشاهد أو المستمع عن محتوى الفكرة المراد توصيلها. أما الأمر الخطر الآخر فهو أن المقدم يعتقد أنه يفهم في الموضوع المطروح أكثر من الضيوف الذين من المفروض أنهم خبراء، فيتحدث زمناً أطول ويقاطع المتحدث من دون أن يترك له إكمال فكرته، وكثيراً ما نشاهد أن المقدم يسأل سؤالاً لمدة دقيقة أو أكثر، ثم يقول للمتحدث لديك عشر ثوان للإجابة، دليلاً إلى عمق عدم المهنية. أما وجود لازمة لدى بعضهم عند الحديث كترديد كلمة محددة فيكاد يكون شائعاً!

ثالثاً: وهي المفروض أولاً، لا يوجد إعلام جيد من دون سقف حريات جيد، يتيح ظهور الآراء المختلفة في حدود الموضوعية للناس، كما ليس ثمة إعلام جيد إن كان يستحي من نقد الممارسات السياسية أو الاقتصادية أو الفكرة الخطأ التي تعارض مبادئ الدولة المدنية الحديثة، فهناك قضايا في إعلامنا تعتبر "تابو" (المحظور أو المحرم )، بخاصة في مجالات الدين والسياسة، ويرى البعض أن لمسها أو الاقتراب منها يسبب الكثير من المشكلات، لذلك تُترك من دون مناقشة.

رابعاً: في الثورة التقنية التي تصاحبنا وفي الانفجار الذي نراه في وسائل التواصل الاجتماعي، هناك مزاحمة شرسة في إعلاء الأخبار الكاذبة وترويج الشائعات، والغريب في الأمر أن عدداً من وسائل إعلامنا تتغذى على تلك المعلومات المغلوطة الواردة من تلك الوسائل من دون وعي خطورتها.

تلك أربع قضايا مركزية متشابكة مع تفرعاتها تعطل إعلامنا بأشكاله المختلفة من مسايرة العصر ومواكبة الحراك الثقافي الكبير، ربما على رأس مشكلاته اختيار القيادات، وكثير منها غير مهني، وتلك قضية شائكة ومعقدة تقعد عن نيل المراد. لا داعي للحديث عن الإعلانات الغبية، فالإعلان فنّ لا مكان للهواة فيه!

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعادة زيارة للإعلام في دول الخليج إعادة زيارة للإعلام في دول الخليج



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab