الفلسفة حين تنصت في الظلام

الفلسفة حين تنصت في الظلام

الفلسفة حين تنصت في الظلام

 عمان اليوم -

الفلسفة حين تنصت في الظلام

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تتداول أحياناً في المجاميع الشعبية أسئلة تتعلق بأهمية الفلسفة على واقعنا، هذه الرؤية على سذاجةٍ تعتورها غير أن انتشارها يجعلنا أمام دفاعٍ عن الفلسفة، بوصفها النشاط العلمي الأكثر تماسّاً بالإنسان ووجوده. يمكن قراءة الحداثة كأثر من آثار الفلسفة؛ ذلك أن الفلسفة كانت هي محتوى الحداثة، فتلازم مسار الفلسفة بمسار الحداثة شديد الإلحاح، أو على حد وصف هيغل: «يستحيل التوصل إلى المفهوم الذي تدرك به الفلسفة ذاتها، خارج مفهوم الحداثة».

الدكتور عبد الله المطيري أصدر كتابه عن «دار فلسفة» المنضوية مع الجمعية الفلسفة السعودية والمعنون بـ«الفلسفة حين تنصت في الظلام» الذي كان منذ 2008 مؤسساً للموقع الفلسفي في السعودية وله الجهد الرفيع في تأسيس «حلقة الرياض الفلسفية»، وهو حالياً رئيس «جمعية الفلسفة السعودية».

وبحسب الكاتب فإن مؤلفه «الفلسفة حين تنصت في الظلام» يشكل امتداداً لكتاب المؤلف السابق «فلسفة الآخرية» الذي أصدره قبل ثلاث سنوات، حيث قدّم المؤلف أطروحة تهدف إلى استقبال أرحب للآخر من خلال دراسة نقدية لفيلسوفين وجوديين هما سارتر وليفيناس وتوصيف فينومينولوجي للضيافة باعتبارها العلاقة التي تمظهر فيها الفضاء الرحب للعلاقة بالآخر.

في هذا الكتاب يعود المؤلف في محاولة للإنصات الجديد لعدد من الظواهر والعلاقات. هذا الإنصات لا يراهن على نورٍ خارجي يلعب دور الكاشف الأكبر، ولكن على إنصات عميق لا يتوفر إلا في الظلام وأنماط الوجود الليلي. في الظلام تتقلص هيمنة الذات على العالم، وهذا ما يهيئها أكثر من أي وقت آخر للإنصات بشكل مختلف.

يشتمل الكتاب على تأملات في الصمت والاعتذار والموت والكتابة والترجمة والشكر والهديّة والتوقّع والاستكشاف والاستشراف والعفو والحرية والمواطنة والحياء والمشافهة والكتابة. في كل هذه الظواهر علاقة أولى بالآخر باعتباره آخر وتكمن مهمة هذه التأملات في الإنصات لتلك العلاقة. يعتمد المؤلف في كثير من تأملاته على الكلمات باعتبارها رحماً أول للعلاقة التي جمعت الإنسان بالآخر. كامنة في تلك الكلمات تلك الأنماط الوجودية الأولى. وإذا كانت الكلمات تبدو مع الوقت مألوفة وعاديّة أو مستعملة في سياق محدد مما يجعلها محتجبة أو محتكرة، فإن الإنصات المقصود في هذا الكتاب يسعى إلى لقاء جديد معها يأمل في عودة الرحم الأول إلى الإنجاب.

الخلاصة؛ أن المؤلف يطلب من المتلقي وهو الكائن اللغوي إلى الالتفات للكلمات والأشياء التي تعطي ذاتها لكن انعطاءها هذا لا يكفي لإنشاء علاقة معها. لا بد هنا من التفات وتوقف يتيح أفق اللقاء. بهذا المعنى يكون الكتاب دعوة للبطء ومحاولة استعادة معدل الحركة الذي يتيح اللقاء مع الآخرين. الحياة المعاصرة أسرع من وجود الإنسان، لذا يمرّ الكثير من دون أن يتحوّل إلى خبرة ومعنى وذاكرة وتاريخ، وكأن الذات أصبحت أسرع من الزمن الذي يمكن أن يولد فيها اللقاء مع الآخرين. هذا البطء يستهدف بطء التفكير كذلك، حيث يستعيد الإنسان قدرته على المراوحة والبقاء والإقامة. وإذا كانت الفلسفة ترحّل، كما يقول دولوز، فإن الترحّل علاقة بالأرض تتطلب تلمّسها من دون محاولة امتلاكها، وهذا ما يفعله الإنسان حين ينصت. وتحديداً حين ينصت في الظلام.

 

omantoday

GMT 21:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 21:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 21:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 21:53 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 21:52 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 21:51 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 21:50 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الديمقراطيين والجمهوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسفة حين تنصت في الظلام الفلسفة حين تنصت في الظلام



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:46 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
 عمان اليوم - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:35 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد باش يهدي المغربية سكينة بوخريص عقدًا ماسيًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab