نيمار ورونالدو ونجيب محفوظ ودرويش

نيمار ورونالدو... ونجيب محفوظ ودرويش

نيمار ورونالدو... ونجيب محفوظ ودرويش

 عمان اليوم -

نيمار ورونالدو ونجيب محفوظ ودرويش

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تثبت الحركة السريعة للانتقالات والصفقات الكروية العليا معنى «كرة القدم» بوصفها أحد أبرز أسس التواصل بين الثقافات والشعوب. الحيويّة التي تبعثها تتجاوز اعتقاد البعض أن هذه المستديرة مجرد لعبة. إنها ثقافة وحركة وحيويّة، بل وقصيدة. كتب عن هذه الساحرة كبار الفلاسفة والشعراء في العالم. إنها اللعبة المهيمنة، لا على المستوى الرياضي فقط؛ وإنما هي السوق المتكاملة، واللغة الشاملة، والرافعة العليا لطريقة التلاقي بين الشعوب. من ينسى طريقة التعاطي بين الجمهورين السعودي والأرجنتيني في المونديال الأخير. ومن لا يتذكر قفزة جاك شيراك لأهداف زيدان في نهائي مونديال 1998؟! إنها قصص تروى متشابكة مع أساطير الأقوال والقصص، وعبقرية الفرد في الميدان. صفقات كثيرة هزّت العالم الرياضي بكل ما يفجّره من تكالب اقتصادي، وهجماتٍ إعلامية.

     لقد تمكّنت السعودية من رسم مسارٍ سيؤثّر على عالم كرة القدم لعقودٍ طويلة. بانتقال رونالدو للعب في السعودية، قال: «إن السعوديين معجونون بكرة القدم»؛ وهذا دقيق، من النادر أن تجد سعودياً لا يأبه لنادٍ رياضي يتتبع نتائجه، أو لا يلعب كرة القدم مع الأصحاب، هذا فضلاً عن الألعاب الكروية الإلكترونية. إنها اللعبة المهيمنة لدى دول كثيرة في المنطقة والعالم.

كرة القدم جزء من يوميات معظم البشر. إنها تمثل لهم التحديات. البدايات والفرص والنهايات. ومع كل هذه الجلبة عدت للمكتبة وعثرت على كتابٍ متميز لأشرف عبد الشافي بعنوان: «المثقفون وكرة القدم»، لكن لماذا أعود إليه ملخصاً بعض أفكاره التي صدّرها كتابه حول العلاقة بين الرياضة والثقافة؟! لأثبت أن كرة القدم جزء لم ينفصل عن الحدث الثقافي ولا الاقتصادي ولا السياسي في يومٍ من الأيام.

صدّر عبد الشافي بكتابه قوله: «إن حديث الشعر والكرة لا يكتمل ويصبح ممتعاً إلا بذكر شاعرنا الكبير محمود درويش، وكان درويش (كروي) الهوى، يعشق سحرها ويتغزل في مهارات لاعبيها، وهو صاحب التعبير الشهير (كرة القدم أشرف الحروب). ويحكي الشاعر المغربي سعد سرحان أن محمود درويش في إحدى قراءاته الشعرية بمدينة فاس، قدّمته إحدى الكاتبات إلى الجمهور بكثير من المبالغة، بل بصفات فوق بشرية؛ مما أثار حفيظة الكثيرين. وحين تناول درويش الكلمة استهلها بشكر الحضور، وتعجب من حضورهم أمسية شعرية رغم وجود مباراة مهمة بين فرنسا وإسبانيا تذاع في التوقيت نفسه، ثم أضاف بخفة دم: (أنا من جهتي أفضّل متابعة المباراة حتى لو كان من سيحيي الأمسية هو المتنبي). كل ذلك في عشق الساحرة المستديرة التي جعلت روائياً كبيراً مثل عمّنا خيري شلبي يصفها بـ«سيمفونية الفقراء»، ويعلن وقوعه في غرام فريق الإسماعيلي رغم أنه زملكاوي الهوى.

ثم يروي عن نجيب محفوظ قوله: «اعتقدت في طفولتي أن الإنجليز لا يمكن هزيمتهم حتى في الرياضة... وعندما هزمناهم وقعت في غرام كرة القدم».

يعلق على ذلك بأن: «كرة القدم شغلت الكثير من عظماء العالم مثلما سكنت قلوب كثير من الأدباء والفلاسفة، وهناك عشرات الأعمال الأدبية التي اتخذت من اللعبة الأشهر في العالم محوراً أساسياً لها، بل إن عدداً من هؤلاء الأدباء، محبي الكرة، كانوا من الحاصلين على جائزة نوبل؛ لذا لم يكن غريباً أن تعدّ جريدة (نيويورك تايمز) ملفاً عن أدباء وفلاسفة اشتركوا جميعاً في حب كرة القدم والكتابة عنها، ولم يكن غريباً أن تختار (النيويورك تايمز) كاتبنا نجيب محفوظ ليلعب في مركز قلب الدفاع ضمن منتخب أدباء العالم، وفي تشكيلة هجومية اختارتها المجلة تضم أدباء كباراً جابت شهرتهم الآفاق، وبعضهم كتب عن الساحرة المستديرة أعمالاً إبداعية رائعة».

ارتبطت أسماء الكثير من اللاعبين بمفاهيم تفوق الرياضة؛ حيث يطلق على رونالدو البرازيلي وصف «الظاهرة»، أما نيمار الذي وقّع مع نادي الهلال قبل أيام لقب «الساحر»، بينما يطالع بعضهم من المتعلمين بعض الروايات والشعر ولديهم بعض الأفكار؛ مرّ زمن طويل على تعنت بعض المثقفين ضد كرة القدم متواطئين فيها مع تيارات متطرفة تعدّ هذه الصناعة العالمية العليا مجرد «لهو» أو «مضيعة وقت»، والحق أنها تعبّر عن رفاهية وحيوية يمكنها ترسيخ ثقافة الحياة بدلاً من ثقافة «التجهّم» لدى المثقفين، أو «ثقافة الاستعداد للرحيل» لدى المتطرفين.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نيمار ورونالدو ونجيب محفوظ ودرويش نيمار ورونالدو ونجيب محفوظ ودرويش



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab