الحروب حين تؤثر على الفلسفات

الحروب حين تؤثر على الفلسفات

الحروب حين تؤثر على الفلسفات

 عمان اليوم -

الحروب حين تؤثر على الفلسفات

بقلم : فهد سليمان الشقيران

من الطبيعي أن تؤثر الحروب على الفلاسفة وسياسات أفكارهم ونمط اشتغالهم. نعلم كيف أثرت الحرب الأهلية في إنجلترا على فيلسوف كبير مثل توماس هوبز، وبعدها أسس نظريته في العقد الاجتماعي التي كانت ملهمةً لمن كتبوا بعده، وأبرز المتأثرين به الفيلسوف الأميركي جون راولز، الذي أعتبره أهم من طوّر في نظرية العقد الاجتماعي في كتابه الأساسي: «العدالة كإنصاف».
ومن بين من تأثرت فلسفته بالحرب الفيلسوف اللبناني علي حرب، حيث قرأ وهو في صلب الحرب الأهلية كتاب ميشيل فوكو «الكلمات والأشياء»، وقد تأثر به كثيراً، ذلك أن الحروب تمحض الأفكار وتشدها، وتجعل الرؤية في قمة صفائها، ولذلك يقول هيراقليطس عن الحرب إنها «ربّة الأشياء».
في حوار مع الكاتب علي حرب تطرّق إلى الحرب الأهلية في لبنان، يقول: «كانت الحرب في لبنان حدثاً فاصلاً نقلني من طور إلى آخر، بعد أن اكتشفت، من وراء ضجيج الشعارات وزيف الدعوات، أنّ كلّ ما كان يجري على الأرض هو عكس ما كان يُطرح من عناوين ثورية لتغيير الوضع القائم. بذلك تحرّرت من سجون الأيديولوجيا، وتشكّلت لديّ عين نقدية حملتني على إعادة النظر في مجمل قناعاتي الفكرية ومواقفي السياسية. ولا شكّ أنّه كان للاشتغال بالفلسفة، التي هي في الأصل نشاط نقدي عقلي تنويري، أثره الفعال في تغيير نظرتي إلى العالم. ثمّة أناس لم تبدّل الحرب حرفاً في قناعاتهم، بل زادتهم إيماناً وتعصّباً وعماية».
لكن لماذا تؤثر الحرب على الفيلسوف؟ يجيب بأن: «الفيلسوف شاغله الكلام على الكائن والحياة والإنسان، أو على العقل والهوى والفضيلة أو على المجتمع والعدالة والحرية، وسواها من مفردات الوجود، وبما يتعدّى الانتماءات الهويّاتية والتصنيفات الأيديولوجية إلى طوائف ومذاهب أو إلى مدارس ومعسكرات».
مهمة الفيلسوف - يجيب علي حرب: «هي أن ينتج مفهوماً عن الهويّة يُعنى به كلّ ذي هويّة. وقد يدافع عن الحرية، لكنّ الأَولى به التحرّر من سلطة أفكاره وأوهامه في مقاربته للمسائل. كذلك قد يدافع عن حقوق الإنسان، لكن ما يُنتظَر منه أن يفسّر لنا كيف أنّ الناس لا يحسنون سوى انتهاك المبادئ والإساءة إلى الحقوق. وتلك هي المشكلة، كما تصدمنا تجارب التحرير والتغيير: تحوّل المظلوم إلى ظالم والضحية إلى جلّاد».
يرى علي حرب أيضاً أن منطلقه كان من الحرب في نقد الإنسان، فمنذ بدأت أكتب على وقع الحرب التي فتكت ببلدي لبنان قررت أن أفتح ملف إنسانيتنا كما صنعتنا بمفردات النخبة والقداسة والعظمة والمركزية والنرجسية، وغيرها من المقولات التي كانت تحتاج إلى أن توضع على مشرحة الكشف والتعرية، إذ هي مكمن العلّة ومصدر المشكلة. من هنا تتردد في كتاباتي مقولة إن الإنسان هو المشكلة بصيغها المختلفة والمتعدّدة.
الخلاصة، أن الحروب تؤسس لصيغ وقوانين وأسس مختلفة عن ذي قبل. تذهب الحروب بالأفكار والفلسفات نحو منحنياتٍ مختلفة، لذلك اتهم الفيلسوف مارتن هيدغر بالنازية، وكل قواعد العقد الاجتماعي وما ننعم به اليوم من قوانين ونظم ومبادئ لم يكن لها أن تكون لولا التدافع البشري والصراعات والحروب.

نقلا عن الاتحاد

 

omantoday

GMT 13:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 13:34 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 13:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 13:31 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

GMT 13:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الاسم والنجم في دمشق

GMT 13:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

التغيير وعواقبه

GMT 13:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحروب حين تؤثر على الفلسفات الحروب حين تؤثر على الفلسفات



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:33 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
 عمان اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab