الفن وصراعات الأفكار

الفن وصراعات الأفكار

الفن وصراعات الأفكار

 عمان اليوم -

الفن وصراعات الأفكار

بقلم : فهد سليمان الشقيران

الموسيقى ليست فكرة، أو دعوة، أو رسالة، وإنما حيلة حسّية، عمقها في اعتباطية دلالتها، وهي ليست دلالة حتى نحكّمها إلى الفهم، من هنا يكون التأثير الفلسفي على الموسيقى ليس تأثيراً في جوهر المجال وإنما بالإيحاء إلى تماسّ المنتج للموسيقى مع المنجزات الفلسفية القائمة.

بقيت «الموسيقى الكلاسيكية» ضمن التهم الطبقية مع صعود الماركسية، وانتهتْ لأن تكون وجبة شعبية تعمل في المحالّ وأماكن الترفيه. ‎حمّلت الموسيقى خطأ الأفكار، وباتت مشجباً لانهيار النظريات الكبرى في القرون الثلاثة المشار إليها في بدء المقال. كتب «إيفانجليوس موتسوبولوس» بحثاً عن «الميتافيزقيا والموسيقى»، وهو بحثٌ بدأ من فرضية كون الموسيقى دلالة، إذ رأى في ختام بحثه «أن الموسيقى كبقية النشاطات الفنية، تعبّر ولكن بقوة أشد عن التساؤل الميتافيزيقي، وذلك من خلال مضاعفته على طريقتها»، وهو يستمد دلاليّة الموسيقى من أسسٍ أفلاطونية تربط الموسيقى بالكون، غير أن الموسيقى براءة مستمرة، وفطريّتها لا تكدّرها دلاء النظريات المرهقة التي تستعمل الموسيقى دينياً ونضالياً أو دلالياً.

الموسيقى بقيت متمسّكة باستقلاليتها، وتأثّرها بالفضاءات الفلسفية، ليس تأثراً دلالياً وإنما هو التأثير الذي يمنح الموسيقى قدرتها على الممانعة ضد تدجينها، سواء ضمن «الاتهام الشيوعي» أو أي ادعاءات أخرى، ولا يمكن لمطرقة النضال أن تهشّم بيت الموسيقى العتيد.

‎لم تكن الفنون منعزلةً عن حلقات النقاش أو صرعات النظرية أو غليان التأويل، كانت حاضرةً ومحايثةً، بل سابقةً في كثير من الأحايين، وآية ذلك أن الموسيقى ارتبطت بالتحولات البشرية، فهي تتفاعل مع المحيط وتأخذ منه وتعطيه، ذلك أن الفنون إجمالاً، والموسيقى تحديداً، لا تلبث أن تخاتل النظرية. ولو تأملنا في سير الحضارات وشرر النظريات لوجدنا أن الموسيقى إما أن تسبق التحول، وإما أن تحايثه، وإما أن تتبعه، فهي منفعلة بالتحول وفاعلة له، والأمم التي تأسست تحولاتها ضمن فضاء الموسيقى استطاعت أن تفتتح مشروعاً أبدياً لتأميم الموسيقى وجعلها لغة سائدةً بين المجتمعات، من هنا يكون العالم عبثاً من دون موسيقى أو غلطة كما يكتب «نيتشه».

‎يشكو الراحل الكبير فؤاد زكريا من عدم وجود موسيقى عربية بينما غرقنا بـ«الأغنية» العربية، والأغنية لا ترتبط بالفضاء الموسيقي بالمعنى الرحب، بل تتحول الأصوات إلى جيشٍ من الخدم للكلمات، من هنا صارت حتى موسيقانا شعرية، طغت الأغنية على الموسيقى في الحال العربية، والموسيقيون العرب هم بمعنًى ما جزء من حال «الشعرنة»، إذ يرتبطون بالألحان والكلمات غير أن نماذج التكوين الموسيقي على الطراز الأوروبي أو الروسي لم يكن سائداً عربياً، ذلك أن الفضاء الموسيقي فضاء شعري وكلاميّ، من هنا يأتي النقص في القدرة الموسيقية العربية على مستوى التأليف الرحب، ليطغى التكوين الشعري أو تحويل صراعات الموسيقى لتكون خادمةً للأشعار ومن ثمّ تخلق الأغنية.

نقلاً عن "الاتحاد"

 

omantoday

GMT 21:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 21:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 21:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 21:53 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 21:52 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 21:51 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 21:50 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الديمقراطيين والجمهوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفن وصراعات الأفكار الفن وصراعات الأفكار



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:46 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
 عمان اليوم - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:35 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد باش يهدي المغربية سكينة بوخريص عقدًا ماسيًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab