أبعد من الشغور الرئاسي

أبعد من الشغور الرئاسي!

أبعد من الشغور الرئاسي!

 عمان اليوم -

أبعد من الشغور الرئاسي

بقلم:حنا صالح

لبنان، الذي أنهى مئويته الأولى، بات ضحية أطماع بالهيمنة، صار معها الشغور الرئاسي قاعدة تتكرر نهاية كل عهد، منذ انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود قبل 16 سنة. لذلك فإن مناخ التفاؤل الذي يطلقه انتخاب رئيس جديد في أي بلد، لم يعرفه لبنان، لما اعترى وضعه من خللٍ وطني بموازين القوى، هو نتيجة للحرب الأهلية، عمّقه الوجود السوري ورسخته خيانة «انتفاضة الاستقلال» في عام 2005!

شهدت الفترة الممتدة منذ عام 2008 (نهاية ولاية لحود)، شغوراً في الرئاسة قارب 5 سنوات، وفراغاً في السلطة التنفيذية تجاوز 6 سنوات، «قادت» البلاد خلالها حكومات تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، شبيهة بالحكومة الحالية التي تصرف الأعمال منذ الانتخابات النيابية التي أجريت قبل عامين بالتمام والكمال.

لكن، إقراراً بالواقع، فإن الشغور حدث أيضاً في ظلِّ الرئاسات منذ رئاسة إلياس الهراوي، مطلع تسعينات القرن الماضي، إثر اتفاق الطائف، وتصاعد مع رئاسة لحود، وحقق قفزات نوعية مع رئاستي ميشال سليمان وميشال عون. وقد عنى الشغور تهميش الرئاسة بتآكل دورها. بدأ ذلك مع الانقلاب على الطائف والدستور، ومع قيام «الترويكا»، (الرئاسات بديلاً عن رئاسة الجمهورية)، ثم مع «الاختصاصات» لكلٍّ من أطرافها. وشهد هذا التطور الانحداري انغماس الطبقة السياسية التي ارتاحت إلى قيام نظام محاصصة طائفي، حفظ للمتزعمين باسم الطوائف، رموز ميليشيات الحرب والمال، أدوارهم وحصصهم من الثروة الوطنية والدولة - الغنيمة!

ومن دون أدنى مبالغة، تم تطبيق محاصصة غنائمية على كل مواقع الدولة: وزراء، مديرين عامين، رئاسات المصالح، قيادات عسكرية وأمنية. ومنحت المحاصصة «الحق» لكل فريقٍ باختيار المواقع التي تعود لطائفته حتى في القضاء والتعليم، خصوصاً في الجامعة الوطنية وغيرها... وكل ما جرى من توزيعات مقيتة أبعدت الكفاءات وقدمت الأتباع لم تبصر النور في المرحلة الأولى من دون ضوءٍ أخضر من ضابط سوري، تولى لبنان، وفي المرحلة الثانية من «حزب الله» الطرف المسلح الأقوى ضمن التركيبة الطائفية - المذهبية، وقد تصاعد دوره منذ حملة رفيق الحريري لتشريع «مقاومته»، بعد حرب «عناقيد الغضب» الإجرامية.

نهج ميلَشَة السلطة تقدم ما عداه، فكانت حصيلته تفريغ الدولة من قدراتها والكفاءات. أما الجمهورية بما ترمز إليه من مكانة وقيم فقد صارت قيد الاندثار، وصلاحياتها محصورة في بروتوكول توزيع الأوسمة، أو البيع والشراء في مراسيم تجنيس مشبوهة لتمويل دائرة مستفيدين من أطراف نظام المحاصصة. عليه، لم يمنح انتخاب الرئيس اللبنانيين الأمل بإمكانية استعادة الدولة الطبيعية التي تطلق المؤسسات وينتظم عملها وفقاً للدستور، ليصار الكف عن التطبيق الاستنسابي للقانون. تبعاً لذلك تبدو كبيرة حالة الإنكار، وخداع الذات، عندما ترهن بعض الأوساط النيابية إعادة انتظام عمل المؤسسات وانطلاقتها، بانتخاب الرئيس، وتقفز فوق الواقع، وحدود تماس نفوذ الأطراف الطائفية الآخذة بالتغير، لتخبر الناس بأنها لن تقبل بأقل من رئيس نزيه إصلاحي مستقل وسيادي!قبل أيام في 15 مايو (أيار)، اجتمع البرلمان وكان الموضوع ملف النزوح السوري الضخم والشائك الذي تعرض إلى همروجة شعبوية وعنصرية، والحصيلة كانت «لزوم ما لا يلزم»، فصدرت توصيات لا تلزم الحكومة ولا تقدم ولا تؤخر حيال أخطر تحدٍّ يواجهه لبنان. اللافت أن مرور نصف ولاية المجلس لم تدفع أي جهة لتقديم كشف حسابٍ لناخبيها. فلبنان تحول إلى مخيم وقنبلة موقوتة ولا سؤال. وتعمق الانهيار المالي الاقتصادي الاجتماعي، وما من خطوة إصلاحية ترسم مساراً لاستعادة الودائع التي ربطها رئيس البرلمان نبيه بري بالزمن والاستيلاء على أصول الدولة، أو هيكلة المصارف، أو إجراء إصلاحٍ واحد مما اتفق عليه مع صندوق النقد، و... تساكن مع «قانون الإفلات من العقاب»، بمصادرة القضاء لمنع محاسبة مرتكبي جريمة تفجير المرفأ، أو مساءلة مرتكبي المنهبة، أو حتى تسليم رياض سلامة صندوق أسرار الانهيار المالي الذي مضى عام كامل على صدور مذكرات توقيف دولية بحقه، بعد اتهامه بالنهب وغسل الأموال والرشوة!

هذا البرلمان، رغم وجوه قليلة مستقلة أو «تغييرية»، سيُتمم أفعال ما سبقه، سقفه البصم على صفقة ستتقرر خارجه. مع دولة مخطوفة القرار برعاية منظومة عاجزة عن كبح مخطط جعل البلد ميداناً متقدماً في خدمة المشروع الإيراني، صار التعويل على الأداء البرلماني سردية قديمة غير قابلة للتطبيق. ومع الامتناع عن قراءة واقعية للمتغيرات والبحث عن مقاربات من خارج الصندوق تحاصر ادعاء الفريق الممانع، يتواصل تعاطي هذا الفريق بأنه أنجز انتصاره، وأن ما لم يكن وارداً قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بات بحكم المستحيل بعده. لذلك ليس تفصيلاً أن المبادرات الخارجية ونشاط «الخماسية»، تجانب التعامل مع تغول الدويلة على الدولة بانتظار متغيرات الإقليم. فتنعقد لقاءات تعبئة الوقت، الذي يطحن اللبنانيين، ويجري تداول علاجات مؤقتة ليس إلا!

 

omantoday

GMT 17:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 17:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 17:23 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 17:21 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 17:20 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 17:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 17:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 17:14 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من الشغور الرئاسي أبعد من الشغور الرئاسي



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:46 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 عمان اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab