المنطقة والحرب التي لا تنتهي

المنطقة والحرب التي لا تنتهي

المنطقة والحرب التي لا تنتهي

 عمان اليوم -

المنطقة والحرب التي لا تنتهي

بقلم:حنا صالح

المنطقة على فوهة بركان، والأسئلة كثيرة: متى الرد الإيراني؟ وهل يتزامن مع ردِّ «حزب الله»؟ أو تقوم إسرائيل بضربات استباقية؟ لكن لا مؤشرات لحرب شاملة. المسألة مرتبطة بالخلل في التوازن بين النظام الإيراني وأذرعه، من جهة، وإسرائيل وحلفائها (الولايات المتحدة والقوى الأطلسية الرئيسية) من الجهة الأخرى. ولأن الفارق كبير بين عمليتَي القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل إسماعيل هنية في طهران. في الأولى تبنٍّ إسرائيلي، فيما لم تشر إلى مسؤوليتها عن الثانية، ولا تملك طهران الأدلة التي تبرر لها بدء الحرب، رغم أن عملية طهران تندرج في عقيدة الاغتيالات الثابتة في أداء العدو.

لكن ما عاد ممكناً تجنب حرب قاسية تمتد عدة «أيام قتالية»، وفق «الأخبار» المقربة من «حزب الله». أو «أيام من تبادل الضربات»، وفق دبلوماسي غربي تحدث إلى «هآرتس». ما يعني أن الضربات المتبادلة ستكون مفتوحة، وسيكون لبنان المستباح، بدءاً من جنوبه، مسرحاً لها، وتمتد إلى أجزاء من سوريا وأبعد منها. وقد تكون الحرب التي يمكن لها أن تفرض تعديلاً ما في خرائط نفوذ إسرائيل وإيران على حدٍ سواء!

لماذا لبنان؟ لأن السؤال فرض نفسه بشأن انخراط إيران عسكرياً، كما أمر المرشد وهدَّد. فطهران في مأزق، غير قادرة على ابتلاع الإهانة التي وضعتها أمام حتمية الردّ، مع ما تحمله من مخاطر استدراج أعقد من أن تكون تمريغاً لهيبتها ومسّاً بشرفها. وغير قادرة كذلك على اعتماد «الصبر الاستراتيجي» والاكتفاء بإدارة حروب صغيرة بالوكالة. كل ذلك يفسر التريث في بحث إيران كيفية حفظ ماء وجهها وتلافي الانزلاق الكبير. هنا لفت الانتباه زيارة سيرغي شويغو المفاجئة لطهران التي استُتبِعَت بجسر جوي عسكري، لأنه، بالتزامن معها، قالت الخارجية الإيرانية إن طهران «لا تسعى إلى زيادة التوتر»، وإن الرد «على الكيان الصهيوني سيكون في إطار القوانين والأعراف الدولية». توازياً، يعلن مستشار قائد الحرس الثوري: «الانتقام من إسرائيل لاغتيال هنية سيكون عبر سيناريو جديد يُنفَّذ بشكلٍ مفاجئ»، فما هذا السيناريو؟ وهل يمكن بعد مفاجأة كل «الأرمادا» الأميركية الغربية والإسرائيلية؟

المشهد المتغير يسرِّع مسار الدفع إلى مزيد من العنف والمعاناة. بدأ هذا المنحى مع رفض نتنياهو مبادرات وقف النار، ثم تجاهله مبادرة بايدن في خطابه أمام الكونغرس، بحيث بدا كمن نال «شيكاً» على بياض لنهجه الإجرامي في شراء الوقت حمايةً لموقعه السياسي والمضي بعيداً في المخطط الصهيوني؛ دولة واحدة بين النهر والبحر!

لقد ضمن نتنياهو واشنطن في صف تل أبيب، بعدما صوّب على إيران، رأس «محور الشر»، التي ينبغي فتح المواجهة معها. لذا أمر بعمليتَي الاغتيال، وأتبعهما بإعلان نجاح عملية اغتيال محمد الضيف. هنا يفضي التمعُّن بالمشهد العام بأنه مهما فعلت إيران، فنتنياهو في موقع الرابح الكبير الحائز على مكافأة، فيما المطلوب دولياً معاقبته، وربما كان هذا الأمر بين أبرز اهتمامات شويغو في زيارته لطهران!

في زمن يعيش فيه «محور الممانعة تحت وطأة حالٍ من الإحباط واللايقين وفوضى الرؤى حول كيفية الرد على الضربتين الثقيلتين التي نجحت تل أبيب في توجيههما إلى رأس المحور»، وفق توصيف الكاتب إبراهيم بيرم المطَّلع على مواقف «حزب الله»، فإن لبنان المسلوب القرار مرتبط قسراً بساحات حروب مرجعيتها طهران. هذا الارتباط المفروض مصيري، ويطرح وجود لبنان على طاولة البحث. هنا مفيد التذكير بأنه، رغم تحريك طهران لساحات عديدة مواكبة لحرب التوحُّش على غزة، فإن الصهاينة هددوا باستنساخ نموذج غزة في الجنوب وبيروت وكل لبنان!

إن هاجس إيران من حروبها، عبر أذرعها، الوصول إلى صفقة سياسية تمنحها الاعتراف الغربي بالقدر الأكبر من النفوذ في المنطقة، مع محاذرة الانزلاق إلى حرب واسعة. لذا لا يدخل في الحساب الإيراني ما يُنزل بالساحات من ويلات تعدها خسائر جانبية بالنسبة لمشروعها. فبعدما تحوَّلت بلدات جنوب الليطاني الحدودية إلى ركام وحزام أمني، وطال التهجير نحو 150 ألفاً، وسقط أكثر من 600 ضحية، والخسائر فلكية في بلدٍ مُنهَك اقتصادياً، موجوع اجتماعياً، وخائف صحياً، يسيطر الذعر، والمواطنون تحت وطأة قلق يفوق ما عاشوه في حرب يوليو (تموز) 2006. وكيف لا، وهم يتابعون دعوات إجلاء الرعايا، التي توَّجَتها مناشدة السفارة الأميركية للأميركيين «حجز أي تذكرة متاحة والاتصال بالسفارة في حال عدم توفر أموال لديهم للعودة إلى أميركا»؟! لتبدأ ترجمة هذا الذعر بتكثيف مغادرة القادرين إلى الخارج، ونزوح ألوف الأسر المتحدرة من البقاع عن الضاحية الجنوبية، فيما ألوف أخرى تبحث عن سقف آمن يؤويها!

لم يعد ممكناً تغطية مسؤولية «حزب الله» ومحوره عن شقاء اللبنانيين الذين تحاصرهم من ناحية المجاعة نتيجة منهَبَة منظمة، ومن الأخرى خطر الإبادة نتيجة حرب «مشاغلة» ارتدَّت دماراً عميماً... لا بديل عن الدولة التي تحمي كل شعبها وتصون حياته وحقوقه. لكنها اليوم دولة مؤجلة بعد الانكشاف المريع لتبعية الطبقة السياسية: «معارضة» نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، كما موالاته، وتعذر قيام البديل السياسي!

omantoday

GMT 17:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 17:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 17:23 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 17:21 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 17:20 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 17:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 17:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 17:14 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنطقة والحرب التي لا تنتهي المنطقة والحرب التي لا تنتهي



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:46 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 عمان اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab