«اليوم التالي» مخاطر إسقاط القرار 1701

«اليوم التالي»... مخاطر إسقاط القرار 1701!

«اليوم التالي»... مخاطر إسقاط القرار 1701!

 عمان اليوم -

«اليوم التالي» مخاطر إسقاط القرار 1701

بقلم:حنا صالح

مع دخول الحرب على غزة شهرها الثاني يحاصر الانكسار الغطرسة الإسرائيلية. تواجه تل أبيب إمكانية الخسارة في حربها الإجرامية مع تراجع قدرتها على تحقيق الأهداف التي أعلنتها، وأبرزها «اجتثاث حماس» إلى فرض «ترانسفير» كارثي على الغزاويين... مروراً بهدف استعادة الرهائن قسراً من دون أي تفاوض، فضلاً عن غياب أي رؤية سياسية لها وافتقارها لأي استراتيجية خروج!

روّع التوحش الإسرائيلي في قتل المدنيين. وأدى التدمير الممنهج للمباني والموارد الذي طاول المستشفيات والمدارس والمقار الإنسانية ودور العبادة، بعد إزالة أحياء بكاملها، إلى تهجير جماعي قسري نحو جنوب القطاع. القتل المنفلت دون أي تميزٍ بين طفل وامرأة أو مسن، أو بين مدني ومسلح، الذي يُبث مباشرة على هواء شاشات التلفزة والهواتف النقالة، أحدث انقلاباً في الرأي العام العالمي وهزَّ الضمائر ليكتشف المواطن الغربي أن إسرائيل دولة فصل عنصري واحتلال وليست ضحية.

اجتذبت هذه الجرائم ضد الإنسانية احتجاج الفئات الشابة والأسر، كما صنّاع الرأي من نجوم الغناء والسينما والكتاب. في ميلانو ألبس المتظاهرون صورة رمزٍ من رموز ضحايا «الهولوكوست»، آن فرانك، كوفية فلسطينية، ورفعوها في المظاهرة التي نددت بالقتل العمد للأطفال في غزة. وكالنار في الهشيم استهدفت وسائل إعلام أميركية الشابة آيلا إيمهوف، ابنة دوج إيمهوف، زوج نائبة الرئيس الأميركي كاَمالا هاريس؛ لأنها أطلقت حملة لجمع 10 ملايين دولار لإغاثة أطفال غزة، وجمعت سريعاً 8 ملايين دولار حوّلتها إلى صندوق إغاثة الأطفال الفلسطينيين المسجل في أوهايو. وهكذا كسر التضامن مع الشعب الفلسطيني والضغط الممارس لوقف إطلاق النار، القيود التي فُرضت لمنع أي انتقاد لدولة إسرائيل، وبدأت تترد مفردات سياسية جديدة، أبرزها عبارة «هدنة إنسانية مؤقتة»، و«مراعاة حياة المدنيين» إلى جانب عبارة «حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها». وفي أوروبا التي هالتها المقتلة أُطلقت الدعوات لعمليات حربية «جراحية» لتفادي قتل مدنيين كثر، وفي أميركا وُجّهت دعوات لاستخدام قنابل صغيرة لقتل مدنيين أقل (...)!

الانتهاك الإسرائيلي الفظ للقانون الدولي وللقانون الإنساني نقل الرأي العام بسرعة قياسية من التعاطف مع إسرائيل بعد ترويج الأكاذيب التي ضخّمت ما حدث يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى إدانة التوحش والإصرار على وقف النار، وبالحد الأدنى فرض هدنة إنسانية. واليوم بعد 34 يوماً على الحرب على غزة، لا تبدو إسرائيل قادرة على استرجاع ما تدعيه من هيبة وردع مطلق وقوة عسكرية ومكانة سياسية. وتعرف تل أبيب أن الإنجازات لا تقاس بعدد الضحايا المدنيين، وخصوصاً الأطفال والنساء، ولا تُقاس بمستوى ما يشهده العالم من حرثٍ للأرض في غزة للقضاء على كل أسباب الحياة. بل بما يمكن أن تكون القوة الغاشمة قد أملته في السياسة. وبالمناسبة، لم تعلن تل أبيب عن أي مشروعٍ سياسي لغزة في حال «نجح» مشروعها الاحتلالي!

ثابت أن الوقت بدأ ينفد من بين أيدي نتنياهو، و«اليوم التالي» على وقف النار الذي سيحصل في النهاية، قد لا يكون ما روّج له، بعدما تبين أن إسرائيل لن تكون آمنة ومستقرة استناداً إلى منطق القوة وقضم الأرض والاستيلاء عليها والاستيطان بعد طرد السكان الأصليين أبناء الشعب الفلسطيني. لقد بات متعذراً مواصلة الهروب من الحل السياسي، حل الدولتين، الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. إنهاء الاحتلال مفتاح هذا المسار وهو اليوم بيد واشنطن التي تدرك جيداً عقم الرهانات على تحول إيران دولة طبيعية. لكن في عام الانتخابات الرئاسية لن يكون هذا المسار بين الأولويات؛ ما يعني بقاء أيدي المتطرفين حرة لتأبيد الصراع، يقابلها ساحة مفتوحة لمن هم أمثال بن غفير وسموتريتش وعميحاي إلياهو الذي هدد بقصف غزة بقنبلة نووية. لقد آن أوان طي صفحة الرهان على إمكانية تصفية القضية الفلسطينية من خلال الاستفراد بالفلسطينيين. هنا لافت ما أدلى به الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الذي أكد أن «ما فعلته (حماس) كان فظيعاً وليس هناك أي مبرر له. والصحيح أيضاً أن الاحتلال وما يحدث للفلسطينيين لا يطاق»... ويضيف أن الموقف الحالي هو نتيجة «عقودٍ من الفشل في تحقيق سلام عادل لكلٍ من الإسرائيليين والفلسطينيين».

«اليوم التالي» لبنانياً قلق مقيم. صحيح أن خطر توسع الحرب ومآسيها يُراوح، أو تراجع نسبياً، وهذا ما نادت به أكثرية لبنانية ساحقة. لكن الوضع الراهن يحمل مزيداً من المخاوف مع تفلت تنظيمات محور «الممانعة». يتحول الجنوب ساحة مواجهة مع تجاوز التراشق الخط الأزرق من الناقورة إلى مزارع شبعا المحتلة ليصل إلى ضواحي حيفا في إسرائيل ويطاول جزين وإقليم التفاح، شمال الليطاني، وشمال منطقة عمليات «اليونيفيل»! أي أن «قواعد الاشتباك» طويت ومثلها القرار الدولي 1701!

خطير ما رسمه حسن نصر الله من مهام للبنان؛ جبهة مساندة ومشاغلة للعدو لتخفيف الضغط الصهيوني عن قطاع غزة؛ ما يهدد بجعل لبنان «غزة ثانية»؛ لأن القراءة السياسية والعسكرية التي قدمها تذكر ببعض خطب «الأبوات» قبل عام 1982 بإسقاطها تداعيات التهجير الواسع! كما التهديد بجعل الجنوب مجرد أرضٍ محروقة ستطاول أيضاً كل لبنان مع ارتفاع ملحوظ في خطر الانزلاق إلى حربٍ واسعة! هذا الوضع الجديد أطاح واقعياً القرار الدولي 1701، الذي بفضله عاش الجنوب مرحلة استقرار وازدهار وتنمية. في حين أن التطورات العسكرية تعيد لبنان قسراً إلى زمن ما بعد اتفاق القاهرة وويلاته.

يتفرد «حزب الله» بقرار البلد بعد اختطافه الدولة واستتباعه حكومة تصريف الأعمال، التي مثلها مثل بقية القوى السياسية، غرست رأسها بالرمال وتجاهلت مسؤوليتها وتعامت عن واجبها الوطني منع تحويل لبنان ساحة تبادل الرسائل بالنار بين الإيرانيين والأميركيين!

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اليوم التالي» مخاطر إسقاط القرار 1701 «اليوم التالي» مخاطر إسقاط القرار 1701



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab