رقص على حافة الهاوية

رقص على حافة الهاوية!

رقص على حافة الهاوية!

 عمان اليوم -

رقص على حافة الهاوية

بقلم:حنا صالح

يهدّد وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن «لا مفر من حربٍ حاسمة وسريعة مع (حزب الله)». ويضيف بأنه لا يستخف «بالثمن المتوقع لحرب لبنان، لكن أي ثمن ندفعه اليوم سيكون أقل بكثير مما سندفعه إن لم نتحرك».

ويرد «حزب الله» بأنه مستعد للحرب إن فُرضت، وفي ترسانته أسلحة فتاكة ومفاجآت في القتال أكبر مما يتصوره العدو. وتكشف تل أبيب عن أن لديها أسلحة «كاسرة للتوازن» تحاكي ما يعرف بأسلحة «يوم القيامة»!

إنه الرقص على حافة الهاوية. بعد 9 أشهر على بدءِ «حزب الله» حرب «مشاغلة» إسناداً لغزة، سقطت المعادلات التي ابتُدعت، من «قواعد اشتباك» إلى «توازن الردع» وسواها. ومع الاختراقات الأمنية والاستخبارية غير المسبوقة للبنان، التي مكّنت إسرائيل من اصطياد مئات القادة الميدانيين والكوادر الأساسية في «حزب الله»، ترتسم معادلة جديدة هي «التدمير المتبادل» وإن من دون توازنٍ فيه.

واليوم، بعدما أسقط محور الممانعة شعار تدمير إسرائيل، ويركز على ما يعتبره ربحاً بالنقاط، يطرح الوضع الجديد سؤالاً محورياً على «حزب الله» ألا وهو ما الفائدة للبنان لو تمكنت فعلياً «المقاومة» من إلحاق أذى واسع بإسرائيل، كدمار وتهجير إضافي ومفاقمة الشلل الاقتصادي، في حين استحدثت إسرائيل أكثر من «غزة» صغيرة في البلدات الحدودية وفرضت بالنار منطقة محروقة عازلة تمتد من البحر إلى تخوم جبل الشيخ، وبات عمران الجنوب ركاماً؟ ويعرف «الحزب» أنه متعذر إعادة إعمار ما تهدم، وهو الطرف القائد لأخطر تحالف مافيوي ميليشياوي، مسؤول عن السطو على الأخضر واليابس!

الزعم بأن «حزب الله» الذي يعرف بالعمق حجم المأزق الذي دفع إليه لبنان، متعففٌ لا يريد استثمار حربه سياسياً في الداخل اللبناني، يفضحه الادعاء بأن كل شيء مؤجل إلى ما بعد الحرب على غزة. الغموض الظاهر في مواقفه هو في الحقيقة وضوح مدروس. هو يعرف أن القرار بإنهاء الحرب بيد نتنياهو وفريقه الأكثر تطرفاً وليس بيد «حماس»، التي بفعل حرب التوحش والاقتلاع تحولت مواقفها من شعار «تبييض» السجون إلى مطلب وقف النار والحرب والانسحاب من القطاع. لذلك؛ يعتمد في ردوده تصعيداً متدحرجاً في انتظار عروضٍ ستأتي مهما تأخر الوقت.

يعول «حزب الله» على الضغوط الأميركية الرافضة للحرب الشاملة، وخط التفاوض الأميركي - الإيراني، وعلى التطورات السياسية في إسرائيل. آخرها ما أبرزه مؤتمر هرتسليا من دعوة إلى بلورة استراتيجية خروجٍ من الحرب، وتقديم أجوبة جدية قابلة للتطبيق بشأن «اليوم التالي»، تصون ما يعدّونه «إنجازات تكتيكية» حققها الجيش الإسرائيلي على جبهة الجنوب أساساً وتالياً على الجبهة الشمالية. هنا يصبح التشدد واضحاً ومفهوماً بانتظار ما ستحمله الأسابيع التالية من فرصٍ لإنهاء الحرب من خلال خطوات سياسية.

بهذا السياق، سيكون «الانزعاج» الإسرائيلي محدوداً جداً إن تبلور مشروع ترتيبات إقليمية تنال عبرها طهران «اعترافاً» برسوخ حصصها في الإقليم، مقابل تراجع نفوذها الحتمي في غزة وفلسطين، المرتبط بتراجعٍ آتٍ في مكانة «حماس» وحلفائها. أساس هذه الترتيبات مقايضة يدفع ثمنها لبنان، تذكّر بالترسيم البحري، عندما فُرض عليه التخلي عن الخط 29 ورأس الناقورة والثروة والسيادة. فيُستحدث ترتيب خاص للوضع في الجنوب يُسوَّق كتعديل جزئي على القرار 1701، فتضمن تل أبيب استقرار مستوطناتها وأمن مستوطنيها وتنتفي مستقبلاً كل إمكانية لـ«7 أكتوبر» من الشمال!

ولأن «حماية النظام الإيراني واجب الواجبات» كما قال الإمام الخميني، فإن الترتيبات التي يتم القتال من أجلها، تعزز الحماية الميليشياوية لتمدد هيمنة إيران من دون أن تخوض هي الحروب مباشرة. وإن أضفنا إلى هذا العنوان شعار حماية السلاح سيكون «حزب الله» في موقع إعلان «نصر إلهي» جديد، لا يثنيه عنه امتداد ركام البلدات الحدودية من الخط الأزرق إلى نهر الليطاني. سيكون قادراً على إشغال مريديه بلغة انتصارية تتجاهل حجم الكارثة، فيصوب على الهدف الأسمى: الإمساك منفرداً بالوضع السياسي، إن عبر ملءِ الشغور بالمرشح فرنجية أو آخر مستنسخ عنه، أي رئيس من دون سلطة... وإلاّ استمرار الشغور وهو مرجح، ما دام فريقه ممسكاً بالسلطة التنفيذية، «ينسق» بأريحية تامة، الموقف الرسمي للبنان!

لا جدال بقوة «حزب الله» عسكرياً، لكن تداعيات الحرب تركت بصمات سلبية على شعبيته الشبيهة بشعبية النظام في إيران كما أبرزتها الانتخابات الرئاسية رغم القوة العسكرية، فيأتي التعويض من هشاشة معارضته. بعد أكثر من 20 شهراً على الشغور الرئاسي و9 أشهر على زج لبنان بحرب كل ريعها لإيران، لا تتعدى المواجهة همساً في غرفٍ مغلقة إلى احتجاجات صوتية رغم الثمن المخيف. لم يحن بعد وقت التجرؤ على فتح مساءلة عمّا قدمه «الميدان» للبنان ولغزة، وبأي حق تربط ميليشيا، دورها عضوي في «فيلق القدس» الإيراني، مصير لبنان بمصالح حكام طهران وما تقرره إسرائيل؟

رقص على حافة الهاوية!
    GMT 05:55 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو
العرب اليوم -

رقص على حافة الهاوية
بقلم:حنا صالح

يهدّد وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن «لا مفر من حربٍ حاسمة وسريعة مع (حزب الله)». ويضيف بأنه لا يستخف «بالثمن المتوقع لحرب لبنان، لكن أي ثمن ندفعه اليوم سيكون أقل بكثير مما سندفعه إن لم نتحرك».

ويرد «حزب الله» بأنه مستعد للحرب إن فُرضت، وفي ترسانته أسلحة فتاكة ومفاجآت في القتال أكبر مما يتصوره العدو. وتكشف تل أبيب عن أن لديها أسلحة «كاسرة للتوازن» تحاكي ما يعرف بأسلحة «يوم القيامة»!

إنه الرقص على حافة الهاوية. بعد 9 أشهر على بدءِ «حزب الله» حرب «مشاغلة» إسناداً لغزة، سقطت المعادلات التي ابتُدعت، من «قواعد اشتباك» إلى «توازن الردع» وسواها. ومع الاختراقات الأمنية والاستخبارية غير المسبوقة للبنان، التي مكّنت إسرائيل من اصطياد مئات القادة الميدانيين والكوادر الأساسية في «حزب الله»، ترتسم معادلة جديدة هي «التدمير المتبادل» وإن من دون توازنٍ فيه.

واليوم، بعدما أسقط محور الممانعة شعار تدمير إسرائيل، ويركز على ما يعتبره ربحاً بالنقاط، يطرح الوضع الجديد سؤالاً محورياً على «حزب الله» ألا وهو ما الفائدة للبنان لو تمكنت فعلياً «المقاومة» من إلحاق أذى واسع بإسرائيل، كدمار وتهجير إضافي ومفاقمة الشلل الاقتصادي، في حين استحدثت إسرائيل أكثر من «غزة» صغيرة في البلدات الحدودية وفرضت بالنار منطقة محروقة عازلة تمتد من البحر إلى تخوم جبل الشيخ، وبات عمران الجنوب ركاماً؟ ويعرف «الحزب» أنه متعذر إعادة إعمار ما تهدم، وهو الطرف القائد لأخطر تحالف مافيوي ميليشياوي، مسؤول عن السطو على الأخضر واليابس!

الزعم بأن «حزب الله» الذي يعرف بالعمق حجم المأزق الذي دفع إليه لبنان، متعففٌ لا يريد استثمار حربه سياسياً في الداخل اللبناني، يفضحه الادعاء بأن كل شيء مؤجل إلى ما بعد الحرب على غزة. الغموض الظاهر في مواقفه هو في الحقيقة وضوح مدروس. هو يعرف أن القرار بإنهاء الحرب بيد نتنياهو وفريقه الأكثر تطرفاً وليس بيد «حماس»، التي بفعل حرب التوحش والاقتلاع تحولت مواقفها من شعار «تبييض» السجون إلى مطلب وقف النار والحرب والانسحاب من القطاع. لذلك؛ يعتمد في ردوده تصعيداً متدحرجاً في انتظار عروضٍ ستأتي مهما تأخر الوقت.

يعول «حزب الله» على الضغوط الأميركية الرافضة للحرب الشاملة، وخط التفاوض الأميركي - الإيراني، وعلى التطورات السياسية في إسرائيل. آخرها ما أبرزه مؤتمر هرتسليا من دعوة إلى بلورة استراتيجية خروجٍ من الحرب، وتقديم أجوبة جدية قابلة للتطبيق بشأن «اليوم التالي»، تصون ما يعدّونه «إنجازات تكتيكية» حققها الجيش الإسرائيلي على جبهة الجنوب أساساً وتالياً على الجبهة الشمالية. هنا يصبح التشدد واضحاً ومفهوماً بانتظار ما ستحمله الأسابيع التالية من فرصٍ لإنهاء الحرب من خلال خطوات سياسية.

بهذا السياق، سيكون «الانزعاج» الإسرائيلي محدوداً جداً إن تبلور مشروع ترتيبات إقليمية تنال عبرها طهران «اعترافاً» برسوخ حصصها في الإقليم، مقابل تراجع نفوذها الحتمي في غزة وفلسطين، المرتبط بتراجعٍ آتٍ في مكانة «حماس» وحلفائها. أساس هذه الترتيبات مقايضة يدفع ثمنها لبنان، تذكّر بالترسيم البحري، عندما فُرض عليه التخلي عن الخط 29 ورأس الناقورة والثروة والسيادة. فيُستحدث ترتيب خاص للوضع في الجنوب يُسوَّق كتعديل جزئي على القرار 1701، فتضمن تل أبيب استقرار مستوطناتها وأمن مستوطنيها وتنتفي مستقبلاً كل إمكانية لـ«7 أكتوبر» من الشمال!

ولأن «حماية النظام الإيراني واجب الواجبات» كما قال الإمام الخميني، فإن الترتيبات التي يتم القتال من أجلها، تعزز الحماية الميليشياوية لتمدد هيمنة إيران من دون أن تخوض هي الحروب مباشرة. وإن أضفنا إلى هذا العنوان شعار حماية السلاح سيكون «حزب الله» في موقع إعلان «نصر إلهي» جديد، لا يثنيه عنه امتداد ركام البلدات الحدودية من الخط الأزرق إلى نهر الليطاني. سيكون قادراً على إشغال مريديه بلغة انتصارية تتجاهل حجم الكارثة، فيصوب على الهدف الأسمى: الإمساك منفرداً بالوضع السياسي، إن عبر ملءِ الشغور بالمرشح فرنجية أو آخر مستنسخ عنه، أي رئيس من دون سلطة... وإلاّ استمرار الشغور وهو مرجح، ما دام فريقه ممسكاً بالسلطة التنفيذية، «ينسق» بأريحية تامة، الموقف الرسمي للبنان!

لا جدال بقوة «حزب الله» عسكرياً، لكن تداعيات الحرب تركت بصمات سلبية على شعبيته الشبيهة بشعبية النظام في إيران كما أبرزتها الانتخابات الرئاسية رغم القوة العسكرية، فيأتي التعويض من هشاشة معارضته. بعد أكثر من 20 شهراً على الشغور الرئاسي و9 أشهر على زج لبنان بحرب كل ريعها لإيران، لا تتعدى المواجهة همساً في غرفٍ مغلقة إلى احتجاجات صوتية رغم الثمن المخيف. لم يحن بعد وقت التجرؤ على فتح مساءلة عمّا قدمه «الميدان» للبنان ولغزة، وبأي حق تربط ميليشيا، دورها عضوي في «فيلق القدس» الإيراني، مصير لبنان بمصالح حكام طهران وما تقرره إسرائيل؟

omantoday

GMT 13:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 13:34 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 13:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 13:31 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

GMT 13:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الاسم والنجم في دمشق

GMT 13:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

التغيير وعواقبه

GMT 13:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رقص على حافة الهاوية رقص على حافة الهاوية



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:33 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
 عمان اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab