للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

 عمان اليوم -

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة

بقلم:حنا صالح

قبل أسبوع من موعد 9 يناير (كانون الثاني) المحدَّد لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وإنهاء شغور مرّ عليه 26 شهراً، فإن الزمن لا يقبل اختيارات رمادية لرئاسة الجمهورية. أكثر من أي وقت سابق مطلوب للرئاسة شخص «لا يخجل حاضره ولا مستقبله من ماضيه»، من خارج منظومة الفساد، متحرِّر من الالتزامات المسبقة، صاحب موقف، مؤمن بالدستور، وقادر على الجمع تحت سقفه. إذّاك يمكن للعام الجديد أن يحمل وعوداً للبنانيين تطوي أزماناً اكتوى الناس إبانها بتسلط «منظومة النيترات» على حياتهم ومصيرهم، توّجها «حزب الله» بزج لبنان في حرب مدمرة، أنزلت بـ«الحزب» أقسى الخسائر البشرية، قيادة ونخباً وهيكلية، وأنهت قدراته العسكرية، ودفع وسيدفع كل البلد ثمنها المخيف.

بعد 36 يوماً على بدء «مرحلة وقف النار التجريبي»، رغم ما يرافقها من مخاطر نتيجة التعديات الإسرائيلية ومحاولات «حزب الله» الالتفاف على اتفاقٍ فرضه ميزان القوى العسكري، كان هو جهة التفاوض الفعلي عليه، وبات ملزماً للبنان، بعدما أقرته الحكومة التي يهيمن عليها. وبعد سقوط نظام الأسد الذي جثم 54 سنة على صدور السوريين... هناك فرصة للبنان لبدء مسيرة مغايرة، شرطها تقديم الاستجابة للقضايا الوطنية الملحَّة لبدء مرحلة انتقالية، منطلقها في لحظة حرجة إنهاء زمن الرئاسات الصورية، ليفتح الباب لبناء الدولة المرجع التي تحتضن الجميع، بديلاً عن رئاسات ضربت الأسس الحقيقية للنظام الديمقراطي.

كل حديث في هذا التوقيت عن شخصية «توافقية»، يوجه رسالة سلبية للمواطنين وللخارج، مفادها بأن القوى الطائفية رافضة رؤية حجم كارثة الداخل ومستلزمات الخروج منها، مصرَّة على حجب الحقيقة ومنع المحاسبة عن قوى نظام الرشوة، غير عابئة بالتحولات العاصفة، مع سقوط نظام البغي في دمشق، وتصدُّع الهلال الفارسي، والسقوط المدوّي للمشروع الإيراني. فتناور وتضع البلد على الحافة الأخطر لتغطية الإصرار على تكريس نزعة التحاصص الغنائمي للبلد، والذهاب إلى إعادة تكوين السلطة من متسلطين على الطوائف، فيستمر الوضع قابلاً لتبادل «الفيتوات» التي تعمِّق الانقسامات الطائفية، ليبقى في مكان ما رئيس ظلٍ، واحد أو أكثر، ويقبع لبنان في المستنقع.

هناك اليوم هزيمة للبلد، واتفاق فيه الكثير من الإذعان. تسبب بذلك «حزب الله» عندما قدَّم مصالح النظام الإيراني، وغامر بأمن اللبنانيين ولبنان، له شركاء بنسب متفاوتة هم كل أطراف المنظومة السياسية التي تعامت عن جريمة قرار الحرب والتداعيات الحتمية له. والأمر الخطير الآن يتمثل في أداء «حزب الله» وإصرار بقايا السلطة على تغطية ذلك. فتتتالى تصريحات تشير إلى نزعة إنكار وغربة عن الواقع. يهددون بالعودة إلى «المقاومة»، وكأنه لم يتغير أي شيء. يتهكم النائب حسن فضل الله على الدعوات بترك الأمر للدولة والقوى الشرعية والقرارات الدولية، ويهدد: «أمامكم فترة الـ60 يوماً... نحن نعرف هذا العدو ونعرف أنه ليس هناك ما يحمينا في مواجهته إلّا التصدي له، وإلّا سلاح المقاومة، والمعادلة الثلاثية»!

يضرب «حزب الله» عرض الحائط بحاجة لبنان إلى الاستقرار ولأمن مستدام، يجعل الحرب الأخيرة المدمرة آخر الحروب. يتشبث بالحفاظ على دوره الذي كان، كممسك بالقرار الذي عجّل وقوع الكارثة. لا يسلّم بانتهاء زمن «المقاومة الإسلامية»، وزمن «وحدة الساحات»، وعجز السلاح خارج الشرعية عن تأمين الحماية فتسبب بدمار العمران، وأعاد خطر تجدد الاحتلال بفرض حزام أمني جديد يمنع عودة عشرات ألوف الأسر المهجرة. وتشي الممارسات بتجاهل واقع أن مصير لبنان مرتبط بالامتحان العملي في تنفيذ موجبات «وقف الأعمال العدائية»، حيث تكمن المصلحة الوطنية للولوج إلى مرحلة استعادة سلام لبنان.

توازياً، تتواصل المواقف الحكومية المريبة. تتم مطالبة الشرعية الدولية بالحماية وردع إسرائيل ودعوتها إلى الانسحاب من مناطق تحتلها، وفي الوقت عينه تمتنع السلطة عن تطبيق التزامات محورها لبنان من دون سلاح لاشرعي تطبيقاً للقرار الدولي «1701». وكذلك البنود المعلنة لآلية تنفيذ الاتفاق التي وُضعت بعهدة دولية برئاسة أميركية. والأمر المقلق جداً أن الحكومة التي بصمت بالإجماع على اتفاق «حزب الله» وإسرائيل، هي لتاريخه ممتنعة عن اتخاذ قرار في مجلس الوزراء بتكليف الجيش تنفيذ الاتفاق بتسلم الأمن وجمع السلاح اللاشرعي بدءاً من الجنوب وإلى كل لبنان.

لقد أكَّدت سنوات الشغور المديد أن الرئاسة محورية لنهوض البلد واستعادة المؤسسات لدورها. واليوم، أكثر من أي وقت، فإن رئاسة متحررة مع شخص له صدقية لم تتلطخ يداه بالفساد، وتاريخه ناصع واضح، يمكن لها آنذاك حماية قيام حكومة كفاءات من خارج منظومة الفساد، قادرة على خوض مواجهة سياسية ودبلوماسية لحماية البلد وتحريره، متسلحة بثقة الداخل واحترام الخارج، وقادرة على وضع البلد على سكة التعافي من خلال إطلاق عجلة الإصلاح السياسي والاقتصادي لبناء الدولة المرتجاة.

بعد كارثة انهيار مبرمج، وإفقار عامّ، ونكبة حرب كان يمكن تجنبها، سيكون اللبنانيون بالمرصاد لمحاسبة نوابهم المدعوين للإجابة عن سؤال محوري: إلى أين سيأخذ البلد مَن انتخبتم للرئاسة؟

 

omantoday

GMT 05:25 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 05:24 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 05:23 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 05:22 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 05:21 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 05:20 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 05:19 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 05:18 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الكونغرس... وإشكالية تثبيت فوز ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 04:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 05:08 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

برج الثور عليك أن تعمل بدقة وجدية لتحمي نفسك

GMT 08:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الثور

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab