ضياع في إسرائيل

ضياع في إسرائيل

ضياع في إسرائيل

 عمان اليوم -

ضياع في إسرائيل

بقلم:سوسن الأبطح

في الوقت الذي كان وزراء خارجية النرويج وآيرلندا وإسبانيا يعلنون عن قرار بلدانهم الاعتراف بدولة فلسطين، في لحظة مشهودة، سيكون لها ما بعدها، وقد ضاقوا ذرعاً بتعنت إسرائيل وضيق أفقها، كان إيتمار بن غفير، أحد مجانين الحكومة الإسرائيلية، يقتحم المسجد الأقصى، ويصرخ: «علينا السيطرة على هذا المكان الأكثر أهمية على الإطلاق»، مطالباً بالوقف الكلي لإدخال الوقود إلى قطاع غزة.

الصفعات المتلاحقة التي تتلقاها إسرائيل، ومنها طلب مدعي عام الجنائية الدولية إصدار مذكرتي توقيف بحق رئيس الوزراء نتنياهو ووزير دفاعه غالانت، لا تجعلها تعيد النظر باستراتيجياتها الحمقاء، بل على العكس، تدفع بمسؤوليها إلى الإيغال في الجريمة، والتمادي في الانتهاكات. وزير المالية المجنون الآخر سموتريتش خططه الانتقامية جاهزة، رداً على الاعتراف بدولة فلسطين: المزيد من المستوطنات، وآلاف الوحدات السكنية، وضم الهكتارات من الأراضي، وخنق منظمة التحرير، حتى الموت.

لا تريد إسرائيل «حماس» ولا الرئيس محمود عباس، وربما أنها في النهاية، ستجني على نفسها. هذا ما تدل عليه سياساتها الجشعة، واستراتيجياتها الطموحة التي تفوق قدراتها الفعلية.

وكلما تمت محاججة صهيوني، مدافع عن إسرائيل، حول أخطائها المتراكمة، أجاب: أن المشكلة في مَن يستفزّ إسرائيل ولا يفهم سيكولوجيتها «فهي دولة لا تخضع لأي ضغط خارجي بما في ذلك إملاءات أميركا». مع أنه لم يتبقَّ لإسرائيل من قوة سوى الولايات المتحدة، التي تريد منها السلاح و«فيتوات» مجلس الأمن، والجاسوسية الاستخباراتية، والتكنولوجيا الذكية، والخطط العسكرية، وأيضاً تهديد قضاة «الجنائية الدولية»، واتخاذ الإجراءات العقابية ضد المحكمة.

إسرائيل تخسر أقرب أصدقائها؛ فقد تحوّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من مدافع شرس يريد تشكيل تحالف دولي لحمايتها على غرار الحرب على «داعش» إلى صديق خجل من أفعالها، مضطر لأن يطالبها بمراعاة القانون الدولي، لمرات عديدة، في حين يرى وزير خارجيته أن فرنسا ليست بعيدة كثيراً عن الاعتراف بدولة فلسطينية. ورئيسة وزراء بلجيكا تعبر عن ضرورة اعتراف بلادها بالدولة الفلسطينية على غرار آخرين.

هكذا تضع إسرائيل الاتحاد الأوروبي أمام خلافات كبرى بين من يريد أن يعترف بدولة فلسطين، ومَن يعتبر الأمر هدية لعملية السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 مثل ألمانيا وإيطاليا، ومن يقف بين الاثنين حائراً، والجميع على أبواب انتخابات حاسمة.

أصبحت إسرائيل عدوة نفسها، وهي ترفض كل حلّ، إلا السفك وارتكاب المزيد من المجازر. هي تريد تحقيق ما لم تستطعه طوال 8 أشهر: أقله القضاء على «حماس»، وأكثره تهجير أهالي غزة والاستيلاء على الأرض. وترفض ما في متناولها، ولو كان فيه خلاصها.

ويحذر عسكريون إسرائيليون كبار على رأسهم يرام حمو المسؤول عن السياسة الأمنية والتخطيط الاستراتيجي في مجلس الأمن القومي الذي قدم استقالته الأسبوع الماضي، من أن مواصلة الحرب على رفح ممكنة، لكنها ستجعل وضع إسرائيل أكثر خطورة. اليوم تهدد إسرائيل «حماس» بالاجتياح، لتحصل منها على تنازلات تتعلق بالرهائن. أما بعد وقوع المحظور، فلن يبقى لإسرائيل ما تساوم عليه، لاسترجاع رهائنها، وقد تحتاج بعد ذلك إلى سنوات لا أشهر، لتعيدهم.

الحل الوحيد الذي يتبقى لنتنياهو، بعد تنفيذ حلمه باجتياح رفح، هو إقامة حكم عسكري. وهذا تماماً ما يحذر منه ويرفضه وزير دفاعه غالانت، لاستحالة تطبيقه، ولأنه يضع الجيش الاسرائيلي في وضع استنزاف ويفقد المئات. كما أنه ليس لإسرائيل العديد، الذي يسمح بحشد قوات كبيرة في غزة، وحماية الحدود الشمالية، ومواجهة التحديات في الضفة الغربية، والاستنفار لمواجهة أي مستجد، في وقت واحد. وكي تتغلب إسرائيل على مشكلة قلّة العديد، تحتاج إلى تجنيد الحريديم الذي يصطدم برفض عسير، وتمديد الخدمة الإجبارية لأربع سنوات، وهو ما لا يقبل به المجندون ولا عائلاتهم.

العجرفة والفوقية تجعلان إسرائيل تتصرف كقوة لا ترد، وتنسى أنها ليست الصين ولا روسيا، ولولا حلفاؤها وتخويفها الكوكب بتهمتي معاداة السامية والعنصرية ضد اليهود، لباءت الكثير من تهديداتها بالفشل. وقد بدأ مناصرون لها يضيقون ذرعاً، بكيل الاتهامات الكاذبة، وخلط الحقائق بالأوهام، وتكرار الأحابيل القديمة.

إسرائيل تتلقى بصدمة، قرارات المحكمة الجنائية التي أنشئت قبل أكثر من عشرين عاماً، تحديداً، لمنع تكرار المآسي الكبرى مثل «المحرقة» التي يحمّل الصهاينة مسؤوليتها للعالم أجمع. فما الذي سيحدث حين تدخل الصحافة العالمية، وقد منعتها إسرائيل عمداً، واكتشفت أهوال ما ارتكب وفظاعات ما أخضع له الفلسطينيون، والتوقعات أن أشهراً عديدة أخرى من المذابح، لا تزال تنتظرنا.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضياع في إسرائيل ضياع في إسرائيل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab