بقلم:أمينة خيري
تبدو النيجر وما يجرى فيها بعيدة عنا، لكنها فى حقيقة الأمر ليست كذلك. أغلبنا يعرف النيجر عبر مباريات كرة القدم التى نلعبها أمامها فى القمم الإفريقية.
ورغم أنها ليست دولة عربية، لكنها دولة إفريقية تؤثر بشكل مباشر على المنطقة كلها.. فبالإضافة إلى ما ينتج عنه أى صراع أو نزاع من موجات هجرة ولجوء إلى دول الجوار، ودول جوار الجوار، فإن دولًا عربية عديدة فى فوهة الأحداث رغمًا عنها. اتفاقات تجارية أغلبها قائم حول الغاز والنفط تربط بينها وبين كل من ليبيا والجزائر. وحين تمر دولة ما بتغيرات أمنية وسياسية كبرى، فإن أول ما يقلق الدول التى ترتبط معها باتفاقات سياسية أو أمنية أو تجارية هو أن يقوم النظام الجديد بإلغائها، أو أن تسقط أو تتعرقل بفعل الفوضى وعدم الاستقرار. ولدى كل من ليبيا والجزائر قائمة طويلة من دواعى القلق فى هذا الشأن، ولا سيما ليبيا التى لا تربطها بالنيجر فقط اتفاقات خاصة بالغاز والنفط، ولكن وجود قوات «فاغنر» فى المنطقة لأسباب عدة يضاعف من حجم الخطر. توازنات العالم وصراعاته المحتقنة والمحتدمة غير المعلنة تتجسد فى النيجر وما حولها. فضمن مهام قوات «فاغنر» الموجودة فى قواعد عسكرية عديدة مواجهة النفوذ الفرنسى فى المنطقة، ولاسيما أن النيجر غنية باليورانيوم. وقبل ساعات، علقت النيجر تصدير اليورانيوم إلى فرنسا بعد ما اتهم قادة الانقلاب العسكرى فرنسا - صاحبة السطوة والنفوذ هناك - بأنها تستعد لتدخل عسكرى.
ومعروف أن فرنسا تعتمد على اليورانيوم فى توليد 70 فى المائة من الكهرباء التى تستهلكها عبر محطاتها النووية. ضلوع فرنسا فى النيجر لا يرتكز على اليورانيوم فقط.. فحتى وقت قريب، كان هناك ما يزيد على خمسة آلاف جندى فرنسى فى منطقة الساحل، والتى تحوى دول (موريتانيا ومالى وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد)، وذلك بغرض مواجهة الجهاديين الإسلاميين هناك.. لكن خلافات عديدة بين باريس وكل من (مالى وبوركينا فاسو) العام الماضى أدت إلى تركز الوجود العسكرى الفرنسى فى (النيجر).. فى الوقت نفسه، فإن ميولًا متصاعدة بين النيجريين (وليس النيجيريين) تميل إلى الابتعاد عن فرنسا والاقتراب من روسيا، وهو ما يؤجج حدة الصراع الإقليمى غير المعلن، لكن المحسوس فى كل خطوة وتحرك فى إفريقيا كلها، وليس فى النيجر أو منطقة الساحل فقط