بقلم : محمد أمين
هل تجاهلنا ما حدث فى حفل جوائز الأوسكار هذا العام؟.. هل كان ذلك مقصودًا، أم لأننا عندنا ما يشغلنا من دراما رمضان، وعندنا ما يشغلنا من موضوعات سياسية واقتصادية كانت لها الأولوية؟
اعتدنا فى الصحافة أن نهتم بحفل توزيع جوائز الأوسكار، ليس لأننا نشارك فيه بأعمال فنية نادرة أو متميزة، ولكن باعتباره أبرز حدث سينمائى عالمى، ولأنه كان يبدأ متأخرًا بعد صدور الطبعة الأولى كنا نترك له مساحة ممكن أن ننشر فيها أخبار الأوسكار، فى الطبعة الثانية!
وكان المحرر السهران يعرف ذلك، ويكون مستعدًا للتغطية حتى لا يفوت على الصحيفة خبر مهم كهذا.. وكان يستطيع أن ينشر بعض الصور، ويحتفظ بالباقى حتى نقوم بالتغطية الكاملة فى اليوم التالى.. اللافت أننا لم نهتم بأوسكار هذا العام رغم أهمية ما حدث فيه من مظاهرة سياسية لدعم غزة!
السؤال: لماذا أيدينا هذا التجاهل الغريب تجاه الأوسكار هذا العام؟.. ولماذا تراجعت أخباره مع أن الأوسكار كان احتفالية كبرى لدعم فلسطين، كما تضمن رسائل ومطالبات بإنهاء الحرب على غزة ووقف إطلاق النار؟.. أيضًا كان المهرجان العالمى يشبه المراجعة الأخلاقية لكثير من قضايا العالم فى منتدى فنى وليس منتدى سياسيًا، فقد ارتدى معظم النجوم شارات تطالب بوقف الحرب على غزة ومنع تجويع الفلسطينيين!
وهذه وحدها كانت فرصة لكى نهتم بالمهرجان وننشر أخباره، لما فيه من رسائل ومراجعات، لاستخدام القنبلة الذرية فى ضرب اليابان، والمحرقة النازية لليهود، وتجويع غزة، وكلها رسائل ضد الإدارة الأمريكية، صاحبها مظاهرات شعبية بجوار الحفل تدعو لوقف الحرب على غزة!
الفائزون بجوائز الأوسكار قالوا كلمتهم ومضوا، فلم تجد لها صدى فى عالمنا العربى، خاصة عندما قال جوناثان جليزر، المخرج البريطانى اليهودى: «نرفض اختطاف الديانة اليهودية من جانب إسرائيل، لتأجيج الصراع فى المنطقة»، وأكد أن ما يحدث هو احتلال إسرائيلى تسبب فى المعاناة لكثير من الأبرياء!
وقدم كثير من النجوم رسائل فى نفس السياق، فأصبح أوسكار غزة، بينما لم تهتم منطقتنا بما حدث لأنها تبيت تحلم بالتطبيع وتسعى إليه، ولا تريد أن تغضب إسرائيل حتى بكلام لم تقله، وإنما تنقله، وناقل الكفر ليس بكافر، إذا كان على سبيل النقل والمحاكاة!
كان حفل الأوسكار مهرجانًا احتجاجيًا على تجويع غزة، ومن المؤكد أن الرسالة وصلت للبيت الأبيض، وأن ما قيل بلغ مسامع الإدارة الأمريكية، وهو كلام مؤثر لا يمكن أن يتجاهله البيت الأبيض بأى حال من الأحوال!
باختصار، كان الحفل مناسبة لدعم غزة، أشبه بموضة حفل الأوسكار، كما قال بعض العرافين قبلها، ولم أصدق أن يحدث هذا فى مهرجان عالمى برعاية أمريكية، وفوجئت بأن الأصوات الحرة لا يهمها مواقف الإدارة بقدر ما يهمها تسجيل مواقفها الإنسانية والأخلاقية، التى يسجلها التاريخ وتبقى على مر الزمان!.