بقلم : محمد أمين
دُعيت على الإفطار فى نادى 6 أكتوبر، ووقفت أمام القاعة الكبرى باسم حسب الله الكفراوى.. كان أقل شىء أن نطلق اسمه على القاعة الكبرى فى النادى، فالمدينة من أوائل المدن التى أنشأها أبوالمدن الجديدة، كما نطلق عليه، ولولاه ما كان للطبقة الوسطى نادٍ يذهبون إليه، فاشتراكات الأندية الآن تفوق الخيال، ولا يقدر عليها إلا أصحاب الملايين!
كان يرى أن الطبقة المتوسطة هى عماد مصر، ونقطة التوازن فى المجتمع، فأنشأ لها المدن والمساكن منخفضة التكاليف، وأنشأ الأندية والمستشفيات وجهز المدن بكل مرافقها، وتركها دون أن يتجاوز ما يدفعه المواطن فى الشقة عشرة آلاف جنيه!
وكثيرًا ما كان يردد كلام السادات: «إن المواطن من حقه قطعتا أرض.. واحدة يبنى عليها منزله ليسكن فيه، وأخرى يبنى عليها مقبرة ليُدفن فيها».. تذكرت كل هذا وأنا على باب قاعة الكفراوى فى النادى.. وبالمناسبة فهى قاعة تشبه المحراب، لا يدخلها الأطفال وإنما يدخلها الكبار للاطلاع أو ممارسة أى نشاط عقلى باستخدام كتاب أو «لاب توب»، فلا تسمع فيها الهمس، والأمن لا يسمح بدخول الأطفال ولا تجمعات الأسر، احترامًا للقاعة، واحترامًا لصاحبها، واحترامًا للعلم.
والكفراوى من مواليد محافظة دمياط فى 22 نوفمبر سنة 1930، وكان وزير الإسكان والتعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة واستصلاح الأراضى، أى أربع وزارات فى وزارة واحدة، وكان لا يكل ولا يمل، تعاملت معه فى بداية حياتى الصحفية واقتربت منه، وأتعبنى فى الجولات معه، ولكننى كنت سعيدًا لأن هناك مسؤولًا يعمل بإخلاص من أجل مصر، وعينه على البسطاء والفقراء ومحدودى الدخل!
رافقته أيام الوزارة كلها تقريبًا، ورافقته فى جمعية «خدامين مصر»، بعد ثورة 25 يناير، عندما دعوته لرئاسة الجمعية فكان دخوله بابًا دخل منه عدد كبير من الوزراء الذين يريدون العمل من أجل مصر!
وُلد الكفراوى فى قرية كفر سليمان مركز كفر سعد بمحافظ دمياط، وحصل على الشهادة الابتدائية من فارسكور، ثم حصل على بكالوريوس الهندسة قسم هندسة مدنية!.. أنشأ مشروعات الجيل الأول من المدن الجديدة فى مصر، وغادر الوزارة بعد أن أصبح عددها 17 مدينة، هى 6 أكتوبر، ودمياط الجديدة، والعاشر من رمضان، و15 مايو، ومراقيا، وست مناطق تعمير فى سيناء والساحل الشمالى.
وأنشأ فيها المناطق الصناعية والعمرانية الحديثة للتخفيف عن القاهرة، وأنشأ مدينة السادات، وهو صاحب فكرة نقل الوزارات إلى مدينة السادات، فأنشأ فيها مجمع الوزارات الذى لم تُنقل إليه الوزارات!
حصل الكفراوى على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، ووسام بطولة العمل من الاتحاد الفرنسى من الطبقة الأولى، وكذلك وسام من الاتحاد السوفيتى، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى. وتوفى عن عمر ناهز 91 عامًا، الخميس الموافق الخامس من أغسطس 2021، وشيعته الجماهير التى عمل من أجلها نائبًا ووزيرًا، راضيًا مرضيًا، رحمه الله.