بقلم : محمد أمين
عودة إلى رسائل القراء.. وهذه رسالة من الدكتور هانى هلال حنا يقول فيها: «عزيزى الأستاذ/ محمد أمين، بعد التحية.. أصابتنا جميعًا صدمة هائلة من اختيار إحدى شركات الملابس لبعض منتجاتها يطغى عليها السواد وتحمل مناظر مفزعة وحزينة لأجساد متناثرة مطروحة أرضًا، وسط دمار وركام يَشِى بموت محقق، بينما يتوسطها أشخاص لا تحمل وجوههم إلا ملامح اليأس والحزن والضياع!.
وتزامن عرض تلك المنتجات مع أحداث غزة المأساوية، فبدا الأمر وكأنه تَفَرُّد منتجات فى انتهازية تسويقية للحدث، أو أن ذلك كان أمرًا مقصودًا ونوعًا من الترويج النفسى المُبَطّن يحث على اليأس والاستسلام للأمر الواقع.. وسلسلة الاحتمالات المقصودة لا تنتهى!.
وفات على الشركة ومصممى أزيائها وخبراء إعلاناتها أن صرخة هائلة ومدوية كانت قد انطلقت فى كل العالم، وحتى بين اليهود المعتدلين غير الصهاينة، ترفض الحرب والدمار الجماعى والتطهير العرقى، ففوجئوا بأن منتجهم وإعلاناتهم صارت استفزازية ومستهجنة لأنها تقتات على نكء الجراح وتعظيم الشعور بالألم، فباتت الشركة منبوذة وهدفًا للاستنكار والمقاطعة ورمزًا لانعدام الإنسانية والحِس والذوق، فخرجت معتذرة ونادمة!.
السؤال: أين ذلك السواد والكآبة من منتجات الملابس، التى تحمل صورًا لطبيعة جميلة أو لأماكن ورموز شهيرة لمدن عالمية ومنتجعات أو لفنانين ونجوم رياضة... إلخ؟.
التعريف الناجح بالمنتجات وصل إلى أن تختار الشركات (لوجو/ رمز) معينًا تفخر به كل شركة، وتعتبره دليل نجاح ورواج عندما يرتبط ذلك اللوجو فى الذاكرة باسمها على منتجاتها، لكن لم نرَ فى هذه الحالة مثل ذلك التدهور فى الذوق وسوء الاختيار!.
(الإعلان) فى أبسط تعريف له هو فرع من أفرع التعريف والاستدلال. قديمًا كان يتم الإعلان عن طريق (المنادى): (يا حاضر قول للغايب)!، ومع ظهور (اليافطات) بدأ الانتشار ليتناول كل مناحى الحياة بما فيها أقواس النصر الوطنية. ثم جاء بعد ذلك الإعلان الصوتى، ثم المرئى، والآن على الموبايل!.
وأخيرًا، صار الإعلان عن المنتجات من وسائل نشر الرسائل الصريحة وأيضًا الضمنية، وصار لكل ذلك خبراء ومحترفون يصممون تلك الحملات، بعد تحديد الفئات المستهدفة، ولا يوجد أدَلّ على ذلك من رمز (الرينبو)، الذى صار ذائعًا فى الإعلانات وعلى الملابس. لا نعرف متى سيمكن إيقاف مثل هذه الصرعات والانفلاتات!، إذ لا بديل عن وعى الرأى العام المتيقظ ومعه وسائل إعلام مستنيرة!.
مع وافر تحياتى وأطيب التمنيات للوطن!».