بقلم : محمد أمين
ينطلق العام الجامعى الجديد فى 30 سبتمبر الجارى وينتهى فى يونيو 2024، وبهذه المناسبة أتذكر يوم جاءنى خطاب الترشيح لكلية الإعلام من مكتب التنسيق.. كان ذلك عام 79.. كانت الصحافة فى أوج عصرها وازدهارها، وكان الحزب الحاكم يصدر جريدة مايو ويمنحها الأخبار والمانشيتات، وكنا نقرأ الصحيفة قبل الإصدارات المعروفة فى ذلك الزمان!.
دخلت كلية الإعلام وكلى أمل أن أحقق فيها شيئًا، سألنى صديق عابر: لماذا اخترت الإعلام؟.. فقلت هى التى اختارتنى، وكنت أقصد مكتب التنسيق.. قال يعنى هتكون مصطفى أمين؟!.. وكأنه أول من ربط بين اسم الكاتب الكبير مصطفى أمين وبين اسمى.. وكأنه نبهنى للتشابه بين الاسمين، وهو تشابه يقصر علىّ مسافات كبيرة!.
ومنذ جاءنى خطاب الترشيح تحول بيتى إلى مزار.. كانت كلية الإعلام من الكليات الجديدة، وأصبحت أتلقى الزيارات يوميًّا من زملاء الدفعة والدفعات السابقة، ورأيت فى عيونهم إشارات الأمل وبشارات المسنقبل، وكل هذا أنعش فى نفسى الأمل.. وطلبنى صحفى قريب عبر شقيقه الأصغر ليقول إنه يتابعنى ويعرف تفوقى، ويتمنى أن أكون معه فى جريدته القومية.. كانت إحدى الصحف الثلاث الحكومية، فهى تضمن لك هدوءًا واستقرارًا ولكنها لا تضمن لك مستقبلًا باهرًا.. فضلًا عن أن خلطتها اليومية ليست جاذبة مثل أخبار اليوم فشكرته ومضيت!.
كانت الصحف تتسابق لحجز أبنائها وهم طلاب وتقتح لهم أبوابها.. وأثناء الدراسة كانت لى علاقة بأحد الأساتذة الذين يرتبطون بعمل صحفى بصحيفة كبرى.. ولكنى كنت ارتبطت عاطفيًّا وصحفيًّا بأخبار اليوم فلم يفرض على شيئًا، ولكنه تركنى لإرادتى واختيارى!.
كانت الدنيا مفتوحة لطلبة الإعلام، وكان عددنا فى الدفعة 150 طالبًا، وهو ما يعنى أن الصحف الموجودة تستطيع أن تستوعب أعدادنا عندما نتخرج.. وظهرت صحف المعارضة لتمتص الأعداد، وكأنها كانت تصمم دراسات جدوى بناء على عدد الخريجين.. الآن يدخل 1000 طالب فى جميع كليات الإعلام، ولا توجد صحف أو فضائيات أو إذاعات تستوعب العدد!.
يقول أحد الأساتذة الكبار إنه من الخطأ فهم أن الكلية تخرج المذيع والصحفى.. فهى فى الأصل تخرج إعلاميين، قد يكون مكانهم الطبيعى علاقات عامة فى شركة أو محافظة أو وزارة!.
وهنا أقول إن المفاهيم بدأت تضيق .. فليس من حقك أن تحلم، أن تكون مصطفى أمين أو جلال الحمامصى، وليس من حقك أن تكون كامل زهيرى أو محمد حسنين هيكل أو أنيس منصور.