بقلم : عبد اللطيف المناوي
بعد أكثر من عامين من فراغ منصب رئيس الجمهورية اللبنانية، الأمر الذى أدخل البلاد فى نفق من الأزمات السياسية والاقتصادية.. ها هى لبنان أمام مرحلة جديدة بانتخاب رئيس جديد لها. حتى وقت كتابة هذه السطور لم تنتهِ جلسات البرلمان اللبنانى لانتخاب الرئيس، والذى سيكون على الأرجح قائد الجيش، العماد جوزيف عون، الذى حظى بدعم داخلى وخارجى كبير بعد انسحاب سليمان فرنجية.
ويعتبر العماد عون من الشخصيات التى تربطها علاقات وطيدة بالعالم الدبلوماسى الخارجى الذى طالما يشيد بدور الجيش فى إطار تنفيذ الاتفاق مع إسرائيل لإنهاء الحرب بينها وبين حزب الله.. إذ إن هناك تعويلًا عالميًا- وأمريكيًا على وجه الخصوص- على دور الجيش فى إتمام هذا الاتفاق، ومن ثم سيطرة الدولة اللبنانية على أوضاعها الداخلية بعد سنوات من سيطرة حزب الله الذى كان صوته أقوى بكثير من صوت مؤسسات الدولة اللبنانية.
عون كذلك حظى بدعم قوى المعارضة فى لبنان، وهى التى اجتمعت منذ أيام وتوافقت جميعها على انتخابه رئيسًا للجمهورية، إلا أن ما حدث فى الجلسة الأولى للبرلمان يوم أمس كان بمثابة الخطوة قبل الأخيرة لانتخاب الرئيس، حيث لم يصل عون إلى النسبة القانونية لانتخابه، بينما ترك ٣٧ نائبًا ورقة الترشيح بيضاء! التوافق الذى سبق الانتخاب جعل رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتى يُعلن أنه للمرة الأولى سيكون لدى لبنان رئيس جديد للجمهورية، ولكن تتبقى خطوة!
الخطوة هى أن عون يحتاج إلى تصويت أكثرية أعضاء المجلس فى الجلسة التى لم تنتهِ حتى كتابة هذه السطور، كما يحتاج إلى تعديل دستورى حال انتخابه ليصبح رئيسًا، إذ إن الدستور لا يسمح بانتخاب موظفين من الفئة الأولى وهم فى المنصب وحتى عامين من استقالتهم أو إحالتهم إلى التقاعد.
خطوة انتخاب عون مناسبة للغاية مع الظرف الحالى، حيث تزيد رمزية وصول قائد الجيش إلى رئاسة الجمهورية، فلبنان اليوم تحت المجهر العالمى بشأن تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية وانسحاب قوات الاحتلال من كامل الأرض اللبنانية. خطوة واحدة وتشرع أبواب قصر بعبدا لاستقبال عون بعد طول انتظار، إذ يتسلم رئيس الجمهورية المنتخب سلطاته الدستورية، وسط حضور إعلامى لبنانى وعربى وعالمى ضخم، مثلما ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية، التى قالت منذ أيام إنه لدى وصول الرئيس المنتخب إلى مدخل القصر، آتيًا من مجلس النواب فى موكب رسمى، تعزف موسيقى الجيش لحن التعظيم، ثم النشيد الوطنى اللبنانى ويحيى العلم اللبنانى.. وفى هذا الوقت، يُرفع العَلَم على السارية الرئيسية لمدخل القصر وفوق منزل الرئيس.. بعدها يستعرض رئيس الجمهورية كتيبة تشريفات من لواء الحرس الجمهورى، وتُطلق المدفعية ٢١ طلقة ترحيبًا بالرئيس، بينما تطلق البواخر الراسية فى مرفأ بيروت صفاراتها للمناسبة، التى أتمنى أن تكون بداية عهد جديد للبنان بمؤسساته القوية وكلمته الداخلية النابعة من مصلحة الشعب اللبنانى، لا من فئة داخلية ولا وصى خارجى.