بقلم : عبد اللطيف المناوي
خلال الفترة الماضية، دارت الكثير من الأقاويل حول مالك منصة تيليجرام، الروسى بافيل دوروف، الذى لم يتجاوز الأربعين بعد، بسبب حادث القبض عليه منذ أيام، بسبب ما قيل عن اتهامه فى انتهاكات تمس الأطفال.
لكننى خلال هذه الايام قرأت كلامًا كثيرًا حول الرجل. البعض يراه زعيمًا يدافع عن حرية التعبير ويرفض أن يقدم معلومات عن مستخدمى التطبيق، بينما آخرون يعتبرونه جزءًا من ترتيبات موسكو أو حتى فرنسا.
لهذا اقتربت أكثر من الرجل، ليظهر أمامى العديد من المعلومات، التى قد تمكننا من فهم طبيعة الرجل، بل وطبيعة ما حدث له.
أولًا بافيل ثروته تزيد على ١٥ مليار دولار، عرف صعودًا مذهلًا فى مجال التكنولوجيا وعالم الأعمال، وُلد فى مدينة سان بطرسبورج الروسية، حيث درس وترعرع، وبعد أن أنهى دراسته قرر مع شقيقه نيكولاى دوروف فى ٢٠٠٦ إطلاق منصة اجتماعية تشبه تطبيق «فيس بوك» تحت مسمى «فيكونتاكت» VK.
ولم ينتظر كثيرًا ليحصد ثمرة جهوده إذ استطاع أن يستقطب فى مدة زمنية وجيزة أكثر من ١٠٠ مليون متابع. وكان هذا النجاح بمثابة نقطة بداية المشاكل مع السلطات الروسية التى حاولت مرارًا أن تتحكم فى هذه المنصة دون جدوى.
لكن هذه المحاولة من النظام الروسى كانت بمثابة إنذار حقيقى له.. لذا قرر مغادرة البلاد فى ٢٠١٤ بعد رفضه مطالب الكرملين بإغلاق مجموعات معارضة على شبكة التواصل الاجتماعى «VK» التى أسسها عندما كان يبلغ من العمر ٢٢ عامًا!
ترك المنصة بعد نزاع مع مالكيها المرتبطين بالكرملين، وحوَّل تركيزه إلى تيليجرام، التطبيق الذى أسسه مع شقيقه نيكولاى فى عام ٢٠١٣.
التطبيق الذى يستخدمه حوالى مليار شخص حول العالم تحول أثناء الحرب الروسية- الأوكرانية إلى مصدر إعلامى مهم، جعل جريدة «لوفيجارو» تصفه مثلًا بأنه «ساحة حرب افتراضية».
كثير من الأقاويل تشير إلى أن إلى دوروف ارتبط فى عام ٢٠٢١ بالنظام الروسى عبر إغلاق بعض الحسابات للمعارضين السياسيين للرئيس الروسى بوتين، إضافة إلى تقديمه بعض المعلومات عن معارضين آخرين تم توقيفهم من قبل الأمن الروسى. يقال إنه فى هذا الوقت قبل بعض ترتيبات اللعبة التى أراد الكرملين فرضها، حيث إنه أيضًا هاجم الشركات الأمريكية العملاقة مثل «أبل» و«جوجل»، باعتبارها شركات تهدد حرية الرأى والتعبير! وقال إنها شركات بإمكانها أن تفرض الرقابة على ما يقرؤه الناس فى العالم.
لم تكتمل فصول حياة الملياردير الروسى الصغير بحادث التوقيف الذى تعرض له كجزء من تحقيق بانتهاكات مختلفة متعلقة باستغلال الأطفال فى مواد إباحية والاتجار بالمخدرات ومعاملات احتيالية على تطبيق المراسلة المشفر، لكنها مستمرة للتفكير والتأمل حول شخص احتار العالم فى أمره. هو دافع فى جزء من حياته عن حرية الرأى فعلًا، إلا أن اسمه فى جزء آخر ارتبط بترتيبات أخرى من موسكو.