بقلم : عبد اللطيف المناوي
كتاب «السياسة على الحافة» للكاتب والسياسى البريطانى رورى ستيوارت يقدم نظرة نقدية للسياسة البريطانية التى بلغت الحافة، كما يشير عنوان الكتاب. ينتقد خلالها السياسى البريطانى النظام الديمقراطى الذى يعانى من الانقسامات الحزبية والانفصال عن الواقع داخليًا وخارجيًا.
تكمن أهمية رؤية ستيوارت فى خبراته الواسعة وشهرته فى أوساط الشباب، حيث يقدم مع أليستر كامبل بودكاست «The Rest Is Politics»، كما أنه شغل عدة مناصب حكومية فى السابق، واحد منها كوزير، كما ترشح لرئاسة حزب المحافظين ضد بوريس جونسون فى ٢٠١٩، وخدم فى الجيش البريطانى، وعمل دبلوماسيًا فى إندونيسيا والبلقان والعراق.
أما أكاديميًا، فقد أصبح أستاذًا لمادة حقوق الإنسان فى هارفارد.
يروى ستيوارت فى الكتاب رحلته فى المجال السياسى منذ تكليفه، كضابط مشاة اسكتلندى سابق، بمهمة إصلاح فوضى غزو العراق عام ٢٠٠٣، إذ عمل كمحافظ بالوكالة لإحدى المحافظات العراقية بعد الحرب، وخلص إلى أن القصة الرسمية لهذا الغزو كانت (احتيالاً)، فلم يكن الغزاة يبنون وطناً ديمقراطياً فى العراق، بل كانوا يصنعون أعداءً جددًا بسبب ما وصفه بـ«الغطرسة» و«سوء السلوك».
كانت النتيجة لما رآه، الاستقالة، ليذهب إلى العمل مع المنظمات غير الحكومية فى أفغانستان، حيث اكتشف أن التبرعات التى تنفق برشاد وإيثار على مشروعات مفيدة قد تؤتى ثماراً جيدة.
مع ذلك، لم تتأثر حكومتا أمريكا وبريطانيا بمثل هذه النجاحات البسيطة؛ إذ عقدتا العزم على تحويل أفغانستان إلى ديمقراطية ليبرالية حديثة، وخصصتا التمويل الضخم والقوى العاملة العسكرية لتدمير حركة طالبان، لكن كل شىء انتهى بالانسحاب الأمريكى فى عام ٢٠٢١، واستعادت طالبان السيطرة مرة أخرى.
فى ٢٠٠٩، قرر ستيوارت الترشح للبرلمان، وانتخب بالفعل عن إحدى الدوائر الريفية عندما كان حزب المحافظين يحكم فى ائتلاف مع الديمقراطيين الليبراليين. شغل منصب وزير مساعد، واكتشف أن أعضاء البرلمان غير مهتمين بالسياسة، بل مهووسون بالفضائح، وأن الحياة داخل البرلمان مليئة بالعجز، والاستياء، والشماتة.
انتقد ستيوارت، رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، لادعائه دعم التنوع بينما يحيط نفسه بطلاب كلية (إيتون) القدامى. كان معارضًا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وشارك فى حملة البقاء فى الاتحاد، لكنه احترم قرار الانفصال.
بعد استقالة تيريزا ماى، ترشح ستيوارت لقيادة الحزب، لكنه رفض الخدمة تحت قيادة بوريس جونسون، معتقدًا أنه يفتقر إلى الجدية والمبادئ الأخلاقية. وأوضح أن البرلمان البريطانى يعانى انحداراً مروعاً، واعتبر أن النظام الديمقراطى البريطانى أصبح منفصلاً عن الواقع، ومقيداً بالفكرة القائلة إن الهدف الأول للسياسى هو الوصول إلى السلطة والبقاء فيها، ما جعل أغلب السياسيين يضحون بكل شىء من أجل ذلك.
ختم ستيوارت بتأكيد هشاشة السياسة البريطانية، مشيرًا إلى أن القوة البريطانية متوهمة، إذ تعتمد بريطانيا بشكل كبير على الواردات وتواجه تحديات اقتصادية كبيرة.
فى هذا الكتاب نقد جرىء للنظام السياسى البريطانى، وتسليط للضوء على الحاجة إلى الشفافية والإصلاح.