بقلم : عبد اللطيف المناوي
منذ نحو أكثر من 10 أيام، كتبت فى هذا المكان عن «حفلات التخرج من القيم الجامعية»، وذلك بعد الحدث غير اللائق الذى وقع فى جامعة الزقازيق، والذى- فى رأيى- يشترك فى مسؤوليته الطالب الذى رقص على أغنية مهرجانات فى حفل تخرجه، وكذلك قيادات الجامعة التى كانت فى انتظاره وسمحت بهذه المهزلة.
وقتها شعرت بأن الأمر وجد الاهتمام اللائق واللازم من المسؤولين، خصوصًا بعدما وجه الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، بسرعة إجراء تحقيقات عاجلة فى المخالفات التى شهدتها بعض حفلات تخرج الطلاب ببعض الجامعات والمعاهد، وليس حادث الزقازيق فقط.
وقتها أيضًا أكد الوزير ضرورة إفادته بنتائج التحقيق بشكل عاجل، موجهًا باتخاذ كافة الإجراءات المقررة قانونًا تجاه كل من شارك فى تنظيم وإدارة هذه الحفلات من كافة مستويات المنظومة على مستوى أعضاء هيئة التدريس والإداريين والطلاب.
كما انتابنى أيضًا نفس شعور الارتياح لدى قراءة تصريحات الدكتور مصطفى رفعت، أمين المجلس الأعلى للجامعات، وأوامره بتشكيل لجنة لتطبيق الآليات التنفيذية التى تحافظ على الأعراف والتقاليد الجامعية، وتصون هيبة الجامعات وصورتها فى المجتمع.
وبناء على استخدام كلمات تُوحى باستعجال التحقيقات، وبناء على وضوح الفيديوهات أيضًا، كنت أتصور أن النتائج ستظهر سريعًا، وأن العقاب سيكون رادعًا، وأول مستويات ردعه هو إعلان نتائج التحقيقات، مثلًا، ولكن إلى الآن لا يبدو أن شيئًا قد حدث!
نعم، أؤكد من جديد أن لكل فرد فى هذا المجتمع الحق فى فعل ما يريد طالما لا يضر الآخرين، وهذه قاعدة إنسانية ثابتة، لكن أرى أن استعادة القيم الجامعية فى مصر ضرورة قصوى، تتعدى مسألة حرية الأفعال. هذا الأمر يمثل ضرورة ملحة لتعزيز دور التعليم العالى فى بناء المجتمع.. فالجامعات ليست فقط مؤسسات لتلقى العلم والمعرفة، بل هى أيضًا مراكز لصقل الشخصية وتطوير القدرات الفكرية والأخلاقية لدى الطلاب.
وفى ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة، يمكن لتلك القيم الجامعية أن تلعب دورًا حاسمًا فى تعزيز قيم اجتماعية غاية فى الأهمية. يمكن للجامعات أن تخرج جيلًا جديدًا من القادة والمفكرين الذين يُسهمون بفاعلية فى بناء مستقبل أكثر إشراقًا، وليس أكثر إهمالًا للانضباط والالتزام.
الأمر يحتاج إلى وقفة وإعادة نظر يا قيادات التعليم الجامعى. الأمر يحتاج إلى إعلان نتائج التحقيقات فى كل الحوادث السابقة إن كانت هناك نية لإصلاح هذا العطب. الأمر يحتاج إلى كثير من الالتزام بالقيم داخل الجامعة، حتى لا يفسد ما هو خارجها.