بقلم : عبد اللطيف المناوي
هل أصبحت المؤسسات الأممية مجموعة من نمور ورقية؟.
هل أصبحت نعامًا أمام إسرائيل؟، بل هل أصبحت نعامًا إزاء القوانين والمواثيق التى وضعها أسلافهم؟. أتحدث هنا عن التعامل مع ما تفعله إسرائيل لأن القوانين والمواثيق تطبق على الجميع إلا إسرائيل. الانتهاكات الإسرائيلية فى حق الفلسطينيين واللبنانيين مستمرة بلا رادع، وهنا يتجدد النقاش حول جدوى المؤسسات الأممية، خاصة المحكمة الجنائية الدولية، التى هلل لها الكثيرون بسبب مواقفها الإيجابية.
لقد تأسست المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المؤسسات الأممية لتكون ضامنًا للعدالة الدولية ومنع الإفلات من العقاب، إلا أن الواقع يبدو مختلفًا، إذ لم تُترجم الأحكام الصادرة ضد إسرائيل إلى أفعال ملموسة، فهل فقدت هذه المؤسسات مصداقيتها؟، وما أسباب هذا الجمود؟.
منذ أشهر، كانت المحكمة الجنائية الدولية تمثل الأمل فى ملاحقة جرائم الإسرائيليين بعدما أقامت دولة جنوب إفريقيا دعوى ضدها، مطالبة بتقديم المسؤولين عن جرائم الحرب للمحاسبة. وبالفعل تم إصدار أحكام إيجابية تصب فى صالح الفلسطينيين. ومع ذلك، لا تزال هذه الأحكام فى إطار النظرى دون أن تتجسد فى إجراءات عملية قادرة على ردع إسرائيل أو الضغط عليها للالتزام بالقانون الدولى.
يتساءل البعض عن الأسباب وراء ضعف فعالية المحكمة فى هذا السياق، ويعود ذلك إلى عوامل عدة، أبرزها عدم اعتراف إسرائيل بحكم المحكمة، وافتقار المحكمة لأدوات التنفيذ، فضلًا عن غياب الدعم الدولى للقضية، خصوصًا من القوى الكبرى كالولايات المتحدة، التى تُعتبر حليفًا أساسيًّا لإسرائيل، يُضعف من قدرة المحكمة على تحقيق العدالة. الجنائية الدولية ليست فى الخانة وحدها، بل يقف إلى جوارها الأمم المتحدة ومجلس الأمن اللذان يُفترض بهما العمل على حماية الأمن والسلم الدوليين، إلا أن الفشل المتكرر فى وقف الاعتداءات الإسرائيلية يؤكد عجزهما فى القضايا الحساسة، وخاصة عندما يظهر الفيتو الأمريكى لإفشال قرارات تسهم فى إيقاف الحرب، وهو أضعف الإيمان، ما يجعل هذه المؤسسات عاجزة عن فرض إرادة المجتمع الدولى فى حماية الشعوب المستضعفة.
إن تكرار هذا النمط من العجز والتفرقة يخلق حالة من الشك بين الشعوب حول جدوى هذه المؤسسات، ويدفع البعض إلى التساؤل عن دورها الحقيقى.
إن استمرار الاعتداءات دون رادع يزيد من شعور الإحباط لدى المتضررين من هذه الجرائم، ويعزز عدم الثقة فى النظام الدولى القائم. وهذا الإحباط قد يؤدى إلى تآكل شرعية المؤسسات الأممية، وهو أمر لا تُحمد عقباه، ويُدخلنا من جديد فى أتون أزمات بدأ يتخلص منها العالم.
السؤال هنا: ما الحل؟.
نظريًّا، لابد من إصلاحات جوهرية تتجاوز حدود القرارات الشكلية، وتوفير أدوات تنفيذية أشد فعالية للمحكمة الجنائية الدولية، كما ينبغى على المجتمع الدولى، وخاصة الدول المحايدة، الضغط بشكل أكبر لتنفيذ القرارات التى من شأنها أن تحفظ الأمن والسلم الدوليين.
أما عمليًّا، فرأيى أنه لا حلول مادام استمر النظام الدولى بهذا الانحياز إلى إسرائيل.