بقلم : عبد اللطيف المناوي
بدأت أعمال القمة «العربية- الإسلامية» الاستثنائية غير العادية، أمس، فى الرياض، بمشاركة عدد كبير من زعماء ورؤساء دول العالمين العربى والإسلامى، ويتقدمهم الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، الذى ألقى بكلمة قوية عبر فيها عن إدانة مصر- بشكل قاطع- لحملة القتل الممنهج، التى تُمارس فى حق المدنيين فى قطاع غزة، والوقوف بشكل واضح ضد جميع المخططات التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، سواء عبر تهجير السكان المحليين المدنيين، أو نقلهم قسريًّا، أو تحويل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة. وأكد الرئيس فى الكلمة التزام مصر بتقديم العون للأشقاء فى لبنان، دعمًا لصمود مؤسسات الدولة اللبنانية، وفى مقدمتها الجيش اللبنانى، وسعيًا لوقف العدوان والتدمير، الذى يتعرض له الشعب اللبنانى. ودارت كلمات الوفود المشاركة فى القمة بين إدانات واضحة لما ترتكبه إسرائيل من مجازر فى حق المدنيين، وبين مطالبات بوقف هذه الاعتداءات، ومطالبة المجتمع الدولى بالتصدى للآلة العسكرية التى دمرت قطاع غزة، وقتلت نحو ٥٠ ألف شهيد، ومازالت تمارس دمويتها فى لبنان.
الهدف الأساسى لهذه القمة هو مناقشة تطورات مسألة وقف إطلاق النار فى غزة ولبنان، وممارسة ضغوط على مؤسسات دولية للتدخل فى الصراع، حيث تتوالى المآسى الإنسانية التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى، مع تزايد القلق من تحول الصراع إلى نزاع إقليمى واسع النطاق.
ويبرز هذا النوع من القمم مع الأزمات المُلِحّة التى تواجه الأمة العربية والإسلامية، وتختلف هذه القمم فى طبيعتها عن الدورات الدورية للقمم العربية أو القمم الإسلامية التقليدية التى تنظمها منظمة التعاون الإسلامى أو جامعة الدول العربية، ما يجعلها مناسبة لاتخاذ توصيات طارئة وتوجيه رسائل قوية إلى العالم.
هذه القمة هى القمة الثانية غير العادية التى تدعو إليها السعودية تواليًا، فقد دعت الرياض أيضًا إلى قمة «عربية– إسلامية» استثنائية فى العام الماضى (٢٠٢٣)، بمشاركة دول جامعة الدول العربية، ودول منظمة التعاون الإسلامى، وركزت بشكل رئيسى على التصدى لتداعيات حرب غزة، التى كانت وقتها فى بدايتها.
القمة الحالية تطرح أمام القادة فرصة تاريخية لتوحيد الجهود وتنسيق المواقف لتوجيه رسالة حازمة إلى المجتمع الدولى مفادها أن العالم العربى والإسلامى لن يقف مكتوف الأيدى أمام ما يجرى فى غزة ولبنان. ومن المأمول أن تترجم نتائج هذه القمة إلى آليات تنفيذية قابلة للمتابعة والتنفيذ على أرض الواقع.
للمفارقة، عُقدت القمة السابقة فى ١١ نوفمبر ٢٠٢٣، بينما عُقدت أمس القمة الثانية فى تاريخ يوافق ١١ نوفمبر، لمناقشة الأزمة ذاتها، التى تتفاقم فى غياب حلٍ جذرى يحفظ الحقوق الفلسطينية ويحقق الاستقرار الإقليمى.
الأمل ألا يأتى ١١ نوفمبر ٢٠٢٥ ونجد أنفسنا فى حاجة إلى قمة طارئة أخرى تناقش نفس القضية، فقد حان الوقت أن تُترجم الأقوال إلى أفعال، تتجسد على أرض الواقع وتعيد الأمل للشعب الفلسطينى وتهدى المنطقة استقرارًا طال انتظاره.