ليبيا واستعادة الملكية الوطنية للقرار السياسي

ليبيا واستعادة الملكية الوطنية للقرار السياسي

ليبيا واستعادة الملكية الوطنية للقرار السياسي

 عمان اليوم -

ليبيا واستعادة الملكية الوطنية للقرار السياسي

بقلم: جبريل العبيدي

استعادة الملكية الوطنية للقرار السياسي الليبي بعد أن كان لسنوات بأيدٍ خارجية تعبث به تعدُّ مفتاح الحل للأزمة في ليبيا، ونهاية حقيقية للصراع بالوكالة، فالتأكيد على الملكية الوطنية لأي عمل سياسي وحوار وطني، وعدم المشاركة في أي لجان إلا في الإطار الوطني الداخلي دون غيره، هو ما يجب أن تتفق عليه القوى الوطنية الليبية، وهي تعدُّ إشارة لرفض أي عمل أحادي يتفرد به أي مبعوث دولي، كما كان هو الحال طيلة المبعوثين التسعة السابقين.

فما تكرار الطعن في شرعية الأجسام السيادية القائمة، ووصفها بأنها تعاني من أزمة شرعية، إلا إشارة لإمكانية استبدال شرعيتها «بشرعية» أخرى، بالتأكيد ستكون تفصيلاً على مقاس مشغلي «البعثة الدولية» الممثل الرسمي للمتدخلين في الشأن الليبي.

البعثة الدولية منذ تولي طارق متري صاحب مذكرات «مسالك وعرة» في حديثه وشهادته على فترة بعثته في ليبيا، إذ لفت النظر حول السياسات التي أنتجتها، وتخبطت في وضعها وتنفيذها الدول النافذة في ليبيا، وإن كان متري لم يتردد في تحميل «النخب» الليبية جزءاً من المسؤولية.

ومروراً بالسيد برناردينو ليو الذي مارس الخداع السياسي وخلط الأوراق ومساواة الأجسام المنتخبة في الجلوس والحوار بالأجسام غير المنتخبة، بل جلس مع عمداء بلديات وحكم محلي وجعلهم شركاء قرار سياسي مساوٍ للبرلمان المنتخب، بل وجلب رؤساء أحزاب كرتونية لا يتجاوز عدد أفرادها قائمة التأسيس وجعلهم شركاء للأجسام السيادية المنتخبة مما ذوب صوت البرلمان المنتخب ضمن هذه الطبخة السياسية الخبيثة، ثم خلفه الألماني كوبلر الذي مشى على خطى الإسباني برناردينو ليو، فالبعثة كانت تعاني من حالة الإرباك والتشخيص الخاطئ للأزمة الليبية، بل غياب الحيادية والشفافية في تعاطي المبعوثين مع أطراف الصراع المعلنين، إلى مجيء اللبناني غسان سلامة الذي كان أقرب المبعوثين إلى الصراحة في تشخيص الأزمة، ورؤية حل، إلا أن دفعه إلى الاستقالة بشكل مفاجئ والتعلل بالمرض والحالة الصحية لم يكن مقنعاً ومبرراً لاستقالته بعد كشفه عن حالات النهب غير المسبوقة لأموال ليبيا، إذ وصف ليبيا بأنها تتعرض لحالة نهب لأموالها وولادة مليونير جديد كل يوم.

وتوقف مسار البعثة الدولية المصادِر للقرار الوطني عند المستشارة ستيفاني ويليامز، التي مارست التسلط والتهديد بورقة الخلاف على الشرعية لتهديد الأطراف السياسية لفرض أجندتها، ثم قفزت عليهم جميعاً بتشكيل لجنة حوار مكونة من 75 شخصية، لا أحد إلى يومنا هذا يعرف معايير الاختيار لأعضائها، وحولتها من لجنة حوار إلى لجنة تختار للشعب حكومته وأجسامه السيادية مما يؤكد غياب الملكية الوطنية للقرار السياسي في ليبيا.

البعثة الدولية انتهاءً عند الأفريقي عبد الله باتيلي، الذي رغم صداقته الطويلة بنظام القذافي وعضويته للمثابة العالمية التابعة للقذافي وكونه وزيراً أفريقياً سابقاً وأحد المراجعين لعمل البعثة الدولية في ليبيا فإن الإملاءات وسياسة استلاب ملكية القرار الوطني الليبي بقرار «دولي» غير معلن جعل خبرة عبد الله باتيلي عاجزة عن إنتاج حل في ليبيا.

آلية عمل البعثة كانت ولا تزال محل انتقاد وشك وحتى اتهام، وليس جنسيات المبعوثين، رغم أن الاختيار جاء وفق الجنسيات من حيث القبول والاستبعاد في الوساطة السياسية.

العبث تحت العنوان «الدولي» في ليبيا ليس وليد اليوم، بل كان منذ عام 1949 حين عقدت الأمم المتحدة اجتماعها لتقسيم ليبيا ثلاث دول تحت عنوان «مشروع بيفن سفورزا»، وهما وزيرا خارجية بريطانيا وإيطاليا في حينها، وهو اتفاق سري يتضمن مشروع العودة لاستعمار ليبيا، من نافذة الانتداب والوصاية كوجه استعماري جديد، في ثوب مختلف، إذ نص المشروع في حينها على تقسيم ليبيا بين ثلاث دول هي بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وتتولى كل دولة إقليماً كنوعٍ من الوصاية والانتداب، لكن الإرادة الوطنية الليبية هزمت المشروع.

لكن الحقيقة التي يقفز عليها ما يُسمى المجتمع «الدولي» المتورط في صناعة الأزمة في ليبيا وجعلها محلك سر، هي أن على الأمم المتحدة مسؤولية أخلاقية لإعادة الاستقرار إلى ليبيا لكونها المتسبب فيه عام 2011، إذ أسقطت الدولة الليبية وتركت ترسانتها الضخمة من الأسلحة تنهبها أيدي الدخلاء والغرباء لتتحول ليبيا مخزن سلاح مفتوحاً وفوضى.

الحل لا بد أن يكون منتجاً ليبياً ليبياً، وهو الغالب عند عموم الليبيين الذين سئموا وملوا من العبث الدولي واستخدام الأزمة الليبية ورقة ابتزاز وضغط في ملفات دولية بين الدول المتدخلة في الشأن الليبي دون أي عائد بالنفع على ليبيا وشعبها ضحية قرارات مجلس الأمن وفصله السابع.

ولكن المتناطحين في ليبيا والمعرقلين للوئام وإنقاذ البلاد سيصطدمون عن قريب بالصخور الصلدة وسيعلمون أنه لا مناص من الوفاق.

 

omantoday

GMT 12:23 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الروس قادمون حقاً

GMT 12:22 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... أخطار الساحة وضرورة الدولة

GMT 12:21 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

زحامٌ على المائدة السورية

GMT 12:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

روبيو... ملامح براغماتية للسياسة الأميركية

GMT 12:19 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

سوريا قبل أن يفوت الأوان

GMT 12:18 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

محفوظ والعقاد في عيون فيفي وشكوكو

GMT 12:17 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

البعد الإقليمي لتنفيذ القرار 1701

GMT 12:16 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

معركة مصالح دولية وإقليمية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا واستعادة الملكية الوطنية للقرار السياسي ليبيا واستعادة الملكية الوطنية للقرار السياسي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 11:18 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
 عمان اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:10 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab