في «ذكرى17 فبراير» الليبية
أخر الأخبار

في «ذكرى17 فبراير» الليبية

في «ذكرى17 فبراير» الليبية

 عمان اليوم -

في «ذكرى17 فبراير» الليبية

بقلم: جبريل العبيدي

صدق المتنبي حين قال: «عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ». ففي ليبيا المنكوبة بنخبة سياسية فاشلة هناك مشهد يتكرر في السابع عشر من فبراير (شباط) طيلة أربعة عشر عاماً، إذ يطلّ علينا احتفال حكومي باذخ وسخيّ وغياب شعبي ومجتمعي في عموم ليبيا، باستثناء من جمعتهم الحكومة في حافلات مدفوعة الثمن للتصفيق أمام منصةٍ تكلفة تأجيرها مئات الملايين من الدولارات، حُرمت منها مستشفيات الحكومة التي تعاني نقصاً شديداً في الأدوية وتطعيمات الأطفال والمستلزمات الطبية لأمراض الكلى والأورام، في ظل انهيار في المنظومة التعليمية، ونقص شديد في البنية التحتية في بعض المدارس، ونفاد الكتب بشكل غير مسبوق في ليبيا، مما يعكس حالة من إهدار المال العام في غير محله، في ظل حكومات متعاقبة طيلة أربعة عشر عاماً ليست لديها أولويات صرف للمال العام.

لعل من أسباب العزوف الشعبي في ليبيا عن الاحتفال بتغيير فبراير، خيبة الأمل في حدوث تغيير للأفضل والتخلص من «طاغية» ليجد الليبيون أنفسهم أمام طغاة جدد بدلاً من طاغية اعتادوا على مزاجه أربعين عاماً يحكمهم من داخل خيمة خارج الزمن والتاريخ.

كما أن غياب أهداف واضحة «لثورة» فبراير 2011 في ليبيا جعل منها مطيةً لأي مشروع جاهز ومُعَدّ مسبقاً مثل مشروع تنظيم الإخوان المسلمين الذي لم يكذِّب خبراً، بل قفز إلى مركب الإسلام السياسي، واستغل الفراغ السياسي وتنظيم عناصره في ظل عشوائية المجتمع المدني الآخر، واستحوذ على السلطة في غفلة من الزمن.

«ثورة» فبراير يصعب توصيفها بأنها «ثورة» شعبية خالصة، كون دعمها أتى من قوى دولية قررت إسقاط النظام في ليبيا، واستخدمت حلفاً عسكرياً بحجم الأطلسي في إسقاط الحكم في ليبيا وإحداث تغيير مسلح، من دون تغيير ديمقراطي حقيقي، فحتى المجلس الانتقالي أعضاؤه غير منتخبين والإعلان الدستوري كتبه غير المنتخبين، وفُصِّلت مواده على مقاس جماعة الإخوان التي سيطرت على ثلثي أعضاء المجلس الانتقالي عام 2011، في ظل صمت دولي عن انفراد طيف واحد «الإسلام السياسي» بكتابة دستور مؤقت لا يزال يعرقل الحياة السياسية حتى اليوم، بعد مضيّ أربعة عشر عاماً من عمر «ثورة» فبراير.

فالثورة في الأصل هي التغيير الكامل والجذري، أي التحول من حالة الظلم والفساد والجهل إلى واقع أفضل، الأمر الذي لم يحدث وبقي حلماً بعيد المنال حتى بعد مضيّ أربعة عشر عاماً.

الشعب الليبي عزف عن الاحتفال بثورة فبراير بسبب مشاهد الظلم خلالها، وهو ما لصق بأذهان الليبيين من سجون سرية واختفاء قسري وإعدامات واغتيالات وتصفية للخصوم خارج القانون، في ظل فشل سياسي طيلة أربعة عشر عاماً توصف بالسنوات العجاف فشلت في التأسيس لثقافة التداول السلمي على السلطة على أنه مبدأ ديمقراطي يكون ضمن أبجديات التحول الديمقراطي، ولكن بدلاً من ذلك تسبب صراع قادة فبراير في ظهور طغاة ومستبدين جدد بدلاً من طاغية مستبد.

ولعل فشل «ثوار» فبراير في القبول بالتداول السلمي على السلطة، جعل منهم منافسين للنظام السابق، وليسوا ثواراً يؤمنون بالتداول السلمي على السلطة، وتستمر هذه المعاناة والجدل من دون أن نجد توصيفاً مقبولاً من جميع الأطراف، بأن ما حدث في فبراير عام 2011 هل كان ثورة بالمفهوم السياسي بمعزل عن المؤامرة والخيانة والتدخل الخارجي بغضِّ النظر عن الرأي في حكم القذافي وعهده الديكتاتوري الذي لا نختلف على ديكتاتوريته ومزاجه الغريب في حكم البلاد من خلال مزاج شخصي متقلب؛ حيث لا دستور ولا مجلس نواب، بل فقط كانت مؤتمرات توصف بالشعبية تجتمع للنقاش شهوراً طوالاً ثم يخرج «القائد» الملهم القذافي بخطاب يُنصف فيه ما طحنت فيه شهوراً تلك المؤتمراتُ الشعبية التي كانت توصف في عهده بصاحبة السلطة تحت «سلطة الشعب». شعار طوباوي غير واقعي بينما الحقيقة أن القذافي كان يحكم البلاد من خلال مزاجه ورجال خيمته التي ينقلها أينما رحل خارج الزمن.

فرحة «ثورة فبراير» اليوم ممزوجة بحالة من الإحباط واليأس وخيبة الأمل في ظل أزمة مالية خانقة، وانفلات أمني، وفوضى الميليشيات، وغياب سلطة الدولة، وارتهان العاصمة طرابلس لسطوة الميليشيات والمرتزقة، ولذلك يبرز وجود حالة انقسام مجتمعي حول الاحتفال بها. فالمواطن الليبي اليوم غارق في الدين والفقر والعوز والمرض، في حين أن بلاده تطفو على أكبر بحيرة نفط وماء في أفريقيا ولا يستفيد منها بشيء. وفي المقابل هناك فساد حكومي متكرر ونهب للمال العام، ولهذه الأسباب ستبقى الفرحة والاحتفال غائبين، وما يجري هو احتفال حكومي مع المستفيدين من صرف أربعين مليون دولار لإيجار منصة احتفال لبضع ساعات وليس للاحتفال الشعبي.

 

omantoday

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

أهذه إنجازات يا حكومة؟!

GMT 16:04 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

تمهّل... أمامك مطبّات

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

تمهّل... أمامك مطبّات

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

ترمب وإيران ودروس لـ«حماس»

GMT 15:58 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

يوم التحرير... شرعية أميركية جديدة

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

لكنْ ماذا نفعل؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

فتنة حرب أهلية في غزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في «ذكرى17 فبراير» الليبية في «ذكرى17 فبراير» الليبية



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:34 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:03 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 04:56 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:50 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الدلو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab