صلفٌ إسرائيلي وحذرٌ غربي

صلفٌ إسرائيلي وحذرٌ غربي

صلفٌ إسرائيلي وحذرٌ غربي

 عمان اليوم -

صلفٌ إسرائيلي وحذرٌ غربي

بقلم:جمعة بوكليب

ليس في الصور، الثابتة والمتحركة، التي شاهدناها في وسائل الإعلام العربية والدولية من سوريا، عقب الغارات الإسرائيلية على المواني والمطارات والمواقع والمنشآت العسكرية في أماكن كثيرة ومتفرقة في سوريا، ما يترك مكاناً لذرّة من شكّ في النهاية المؤسفة والمحزنة لدمار ما تبقى من سوريا عسكرياً.

قبل بدء الغارات، تحديداً في المنطقة الحدودية الفاصلة بالجولان بين البلدين، قامت وحدات من القوات الإسرائيلية بأوامر من رئيس الحكومة ووزير الدفاع باختراق واحتلال مساحة تقدر بـ200 كيلومتر مربع. وتقول تقارير إعلامية غربية إن القوات الإسرائيلية تقدمت واستحوذت حتى على المواقع العسكرية للجيش السوري.

إسرائيل لم تنكر ذلك، مبررة الاحتلال بضرورات حماية أمنها القومي، تحسّباً لأي عمل إرهابي ضدها. وفيما يخصُّ الغارات الجوية على المواقع والمنشآت والمطارات والمواني العسكرية، قالت إن الغارات وقائية وضرورية، حتى لا تقع الأسلحة، خصوصاً الكيماوية، في أيدي الإرهابيين.

الغارات الإسرائيلية تجاوزت المائتين عدداً، حسب البيانات العسكرية الإسرائيلية، وحوّلت المنشآت والمواقع والمعسكرات السورية إلى ركام وأنقاض. ولعل أسوأ الصور تلك التي نقلتْ إلينا مناظر تفحّم قطع الأسطول البحري السوري في ميناء اللاذقية، وتحوّل الطائرات الحربية السورية في حظائرها إلى شظايا متناثرة.

كان السوريون، كما ظهروا في الصور، مشغولين عن الغارات بالاحتفال في الميادين والشوارع وإسقاط تماثيل الرئيس وتمزيق صوره، وعلى مسافة ليست بعيدة منهم، كانت الطائرات والمسيّرات الإسرائيلية تتولى باحترافية دَكّ المطارات والمواني والمنشآت والمعسكرات ومخازن الأسلحة والعتاد، بهدف إخصاء سوريا عسكرياً.

ليس سرّاً أن الغارات الإسرائيلية تمت بعلم وبموافقة من الإدارة الأميركية، وكانت تجرى علناً تحت أنظار دول العالم. وكالعادة، حرصت الأمم المتحدة على عدم تفويت الفرصة، بإبداء قلقها من الغارات الإسرائيلية، وخشيتها من أن تؤدي إلى عرقلة تحويل السلطة سلمياً في سوريا!

الصور، الثابت منها والمتحرك، لم تبخل علينا كذلك بمناظر آلاف السوريين من المهاجرين في البلدان المجاورة، يتزاحمون على الحدود متلهفين على العودة إلى بلادهم. وبالطبع، لا ننسى كذلك الصور التي شاهدناها للسجون والمساجين المحررين: أحياءً وأمواتاً. أو صور عمليات النهب والتخريب في مقر إقامة الرئيس السابق. وفي الوقت ذاته، نقلت إلينا الأخبار، من دون صور، بدء موجات جديدة من السوريين، وهم في طريقهم نحو المهاجر، كأن المنفى قدرٌ سوري لا منجاة منه.

لدى عودته القريبة إلى البيت الأبيض، بعد غياب قرابة أربعة أعوام، سوف يجد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المسرح في الشرق الأوسط مختلفاً عما تركه. ومن المرجح إحساسه بكثير من الراحة، كون ما حدث سيوفر كثيراً من الوقت والجهد أمامه، لإنجاز وعوده بتحقيق سلام دائم في المنطقة.

من الملاحظ أن جُلّ التقارير الإعلامية الغربية تركز الاهتمام على الرابحين والخاسرين من التطورات الأخيرة في سوريا. وتتفق على وضع تركيا وإسرائيل في الكفة الراجحة الرابحة. وعلى الكفة المقابلة الخاسرة تضع روسيا وإيران. الكفّتان، للأسف، لا مكان بهما للشعب السوري! هل سيمنُّ الله عليه أخيراً بالهناء والاستقرار والسلام، أم أنّه سيجد نفسه محشوراً قسراً في نفق آخر أكثر عتمة من السابق؟

مقابل الصلف الإسرائيلي، يبدو المزاج العام في الغرب، من سقوط نظام الأسد متسماً بالحذر والتحفظ. فدول الغرب لم تنسَ ما حدث في العراق وفي ليبيا بعد سقوط نظامي صدام حسين ومعمر القذافي. وهناك خوف من تكرار نفس السيناريو العراقي والليبي، وما تولد عن سقوطهما من فوضى ما زالت قائمة إلى يومنا هذا. وهو أمر محتمل، آخذين في الاعتبار الخلفية الجهادية العقائدية التي انبثقت منها الفصائل العديدة، تحت قيادة «هيئة تحرير الشام»، والتي تمكنت مجتمعة من دخول دمشق والسيطرة على مقاليد الأمور. الحذر والتحفظ لا يقتصران على دول الغرب، بل يطال كذلك كثيراً من الدول العربية، وهي ترى حركات جهادية إسلاموية عنفية تسيطر على دمشق، وتهدد أمنها واستقرارها.

ما ورد في تقارير المنظمات الأهلية الدولية الموجودة في إدلب من تطمينات تتعلق بقدرة الهيئة وفاعليتها في التنظيم والإدارة وغيرها من الأمور الحياتية اليومية تؤخذ في الحسبان. وما صدر كذلك عن رئيسها أبو محمد الجولاني من تصريحات قد تزيد في تلك التطمينات. إلا أنها لم تقلل من درجات الحذر. ولهذا السبب، فإن كل قرار يصدر عن الجولاني، وكل خطوة يقوم بها، ستكون تحت عدسة مجهر ميكروسكوبي، محط دراسة وتحليل وتمحيص. ذلك أن سوريا، على عكس العراق وليبيا، جارةٌ لإسرائيل.

اللافت للاهتمام أن سوريا البلد الوحيد في العالم، الذي توجد به قواعد عسكرية روسية وأميركية. والسؤال حول مصيرها مؤجّلٌ حالياً.

من السهل بمكان رصد مؤشرات صادرة عن عواصم غربية عديدة، تتسم بالحذر تجاه ما حدث في سوريا مؤخراً. البيانات الرسمية الصادرة من أغلب تلك العواصم تعبر بتحفظ واضح على سرورها بسقوط نظام الأسد.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلفٌ إسرائيلي وحذرٌ غربي صلفٌ إسرائيلي وحذرٌ غربي



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab