أوروبا حقبة جديدة أم مُعادة
أخر الأخبار

أوروبا: حقبة جديدة أم مُعادة؟

أوروبا: حقبة جديدة أم مُعادة؟

 عمان اليوم -

أوروبا حقبة جديدة أم مُعادة

بقلم:جمعة بوكليب

يَكْثُرُ الحديث على التاريخ بشكل ملحوظ. ويلاحظ أن أغلبه لا يختلف كثيراً عن رغوة صابون تتطاير في الهواء. فنحن، سواء اعترفنا بذلك أم أنكرنا، لا نولي التاريخ في الواقع ما يستحق من اهتمام، ولا نبالي فعلياً بالتعلم من دروسه وتجاربه. بل نعيد مراراً وتكراراً الأخطاء نفسها تقريباً، وبأثمان أكثر تكلفة وأعظم خسارة: لماذا؟

نتائج الانتخابات الألمانية البرلمانية مؤخراً، آخر الأمثلة وأقربها زمنياً، وتستحق منّا التوقف عندها كثيراً بتساؤل. فقد كشفت نتائجها عن حصول حزب «ألمانيا البديل» على نسبة أصوات بلغت 21 في المائة، وعدد 152 مقعداً في البرلمان الألماني، مما جعل الحزب ثاني أكبر الأحزاب في البرلمان.

ما نعرفه عن الحزب المذكور، ويعرفه، أكثر منّا، الناخبون الألمان هو أن الحزب يصنّف سياسياً تحت خانة اليمين المتطرف. آخذين في الاعتبار أن هُوّية ألمانيا السياسية، بعد الحرب العالمية الثانية، تأسست على تعهد بتقييد الأحزاب اليمينية المتطرفة، وذلك لمنع تكرار ما سببته الكارثة النازية بألمانيا وبالعالم.

التطرف السياسي الألماني، في الثلاثينات من القرن الماضي، ممثلاً في الحركة النازية، كان المسبب للحرب الكونية الثانية. ورغماً عن كل ذلك، يعود الناخبون الألمان، بعد قرابة ثمانين عاماً، إلى دعم حزب سياسي يتبنّى سياسات لا تختلف كثيراً عن سياسات أودت ببلادهم إلى كارثة.

الحزبُ المذكور تأسس في عام 2013، أي أنّه حديث العمر لدى المقارنة بغيره من الأحزاب التقليدية، ممن تنتمي إلى يمين ويسار الوسط، مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب المسيحي الديمقراطي. واستطاع خلال السنوات القليلة الماضية تمهيد طريق سهّلت انزلاقه من ضيق الهامش الذي كان يكبحه إلى انفساح الساحة السياسية الرئيسية.

اللافت للاهتمام أن هذه الظاهرة لم تقتصر على ألمانيا فقط، بل نراها تنتشر بازدياد في عديد من دول أوروبا، إلى درجة دفعت قادة أحزاب تقليدية وتاريخية معتدلة إلى تعديل مسارات أحزابهم بتبنّي سياسات متطرفة يمينياً، على أمل سحب البساط من الأحزاب المتطرفة. وهو أمر ما كانت لتجرؤ على الاقتراب منه في سنوات سابقة. الموقف المتشدد من الهجرة والمهاجرين على سبيل المثال.

ما حدث في ألمانيا مؤخراً، حدث قبلها في إيطاليا وفي النمسا وفي هولندا وفرنسا وفي إسبانيا، وفي بريطانيا أيضاً، حيث تمكنت أحزاب تصنّف سياسياً على اليمين المتطرف، وبأجندة سياسية تعدَّ متطرفة، من دخول البرلمانات، والوصول إلى الحكم. تلك الأحزاب، ركبت موجة المعاداة للمهاجرين واستغلتها بزرع الرعب في النفوس. كما عمل بعضها على إدخال تعديلات في برامجها السياسية تتيح بيعها للناخبين، وذلك بإعادة تغليفها بأغلفة ملونة جذّابة. السيدة ماري لوبين مثلاً في فرنسا، نشأت في حزب يميني متطرف (الجبهة الوطنية)، أسسه والدها الراحل جان لوبين. إلا أنها بعد استلامها قيادة الحزب من والدها، عملت على تغيير اسمه إلى «التجمع الوطني»، وتبنّت برنامجاً سياسياً يبدو للناظر أقل تطرفاً، وأقرب ما يكون إلى الديغوليين. وفي الوقت ذاته، لم تغير سياساتها المتشددة من الهجرة والمهاجرين، خصوصاً مهاجري بلدان شمال أفريقيا. وكذلك فعلت جورجيا ميلوني رئيسة حزب «أخوة إيطاليا» ورئيسة الحكومة الإيطالية.

اللافت للاهتمام أن حزب «ألمانيا البديل» لم يقم بأي تعديلات في سياساته، بل أوغل في تطرفه. ويمكن رصد ذلك من خلال ما صدر من تصريحات من قياداته مؤخراً، خصوصاً بعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة.

في تفسير ما حدث، يتفق أغلب المعلقين على أن موجات الهجرة غير القانونية التي شهدتها بلدان أوروبا في السنوات الأخيرة تعد عاملاً أساسياً في تغيير نظرة الناخبين إلى تلك الأحزاب. ذلك أن الخوف من ملايين المهاجرين القادمين من بلدان آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، ومن خلفيات دينية وثقافية وتاريخية مختلفة، ساهم بنسبة كبيرة في تحويل أنظار الناخبين عن الأحزاب التقليدية، ودعم الأحزاب المتطرفة، يميناً ويساراً. وهذا أفضى بأوروبا إلى دخول حقبة سياسية جديدة، أو بالأحرى حقبة تكاد تكون معادة تاريخياً. تميزت بتطرفٍ في السياسات من قبل أحزاب وحركات ظهرت على الهامش، ثم امتلكت الأجندة السياسية في ساحاتها.

وهذا بدوره يفضي إلى سؤال آخر: هل الخوف من المهاجرين فقط مسؤول على عودة حركات وأحزاب متطرفة سياسياً، مثل الفاشيين والنازيين إلى الساحات السياسية، أم أن هناك عوامل أخرى تجعل شعوب تلك البلدان تعطي ظهرها للتاريخ وتجاربه المريرة، وتخاطر بدعم تلك الأحزاب والحركات انتخابياً، متوهمة قدرتها على وقف ما تدعي أنه تهديد على مستقبلها وثقافتها يشكّله المهاجرون؟

omantoday

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

أهذه إنجازات يا حكومة؟!

GMT 16:04 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

تمهّل... أمامك مطبّات

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

تمهّل... أمامك مطبّات

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

ترمب وإيران ودروس لـ«حماس»

GMT 15:58 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

يوم التحرير... شرعية أميركية جديدة

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

لكنْ ماذا نفعل؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

فتنة حرب أهلية في غزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا حقبة جديدة أم مُعادة أوروبا حقبة جديدة أم مُعادة



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:34 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:03 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 04:56 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:50 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الدلو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab