خريطة أميركية للعالم وجديدة
أخر الأخبار

خريطة أميركية للعالم وجديدة

خريطة أميركية للعالم وجديدة

 عمان اليوم -

خريطة أميركية للعالم وجديدة

بقلم:جمعة بوكليب

الباحثُ الفرنسي كريستيان جاكوب، المتخصص في علم الخرائط يرى أن «الخريطة هي انعكاس للذهن قبل أن تكون صورةً للأرض». وما كنت لأستحضر هذه المقولة لولا القصف المتتالي من تصريحات مثيرة للاستفزاز والاستغراب معاً، مصدرها واشنطن دي سي، وتحديداً البيت الأبيض. تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حول غزة، تبرز انعكاساً ذهنياً لخريطة أميركية جديدة، تعود بنا إلى الوراء مئات السنين، إلى عهد الإمبراطورية الرومانية، حيث تبدو صورة جيوشها الزاحفة في مختلف القارات لفرض سلام بصبغة وصيغة رومانيَّتين على العالم، يضمن سيطرة روما على أمم الأرض بلا منازع، وتواصل تدفق الأموال عليها.

الخريطة الترمبية الأميركية جديدة، يسعى لجعلها واقعاً على الأرض، ولا تقتصر على ضم الجارة كندا، وتحويلها إلى ولاية أميركية أخرى، ولا كذلك تتوقف عند الاستحواذ عنوة على جزيرة غرينلاند بانتزاعها من الدنمارك، أو استعادة قناة بنما، بل تجرأ علناً على التوسع بالامتداد إلى منطقة الشرق الأوسط، وتؤكد أميركا على رغبتها في إعادة بناء قطاع غزة، مقابل الاستحواذ عليه بوضع اليد، وتحويله إلى منطقة سياحية عالمية، أو حسب الوصف الترمبي: «ريفييرا شرق أوسطية».

الذين منّا أُتيحت لهم فرصة مشاهدة لقاء الرئيس ترمب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض مؤخراً، لم تفتهم، من دون شك، رؤية البريق اللامع والعجيب في عينيّ نتنياهو، وهو جالس بجانب الرئيس ترمب، يبتسم بخبث لا يخفى، بينما الرئيس ترمب يدلي بتصريحه العجيب الغريب للصحافيين حول مشروعه التوسعي في قطاع غزة. وبالطبع، من حق نتنياهو أن يبتسم ويعبر عن ابتهاجه. فما لم يستطع هو طوال سنوات من وجوده على قمة الهرم السلطوي الإسرائيلي قوله حتى همساً، قاله الرئيس ترمب في ثوانٍ علناً، ونقلته وسائل الإعلام الدولية: تهجير سكان القطاع إلى الأردن ومصر.

ما يثير الاستغراب أكثر، أن الرئيس الأميركي لم يلتفت إلى موجات الاستنكار الصادرة من عواصم العالم. ومن عواصم حليفة وصديقة لواشنطن على وجه الخصوص. وكلها تصبُّ في مجرى واحد، وهو أن حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي لن يكون بتهجير سكان قطاع غزة، بل بالسعي حثيثاً نحو حل وجود دولتين: فلسطينية وإسرائيلية. اللافت للاهتمام، أن البيانات الصادرة من حكومات العواصم الحليفة لواشنطن، صيغت أغلبها بلهجة استنكار قوية ترفض التهجير، كونه مخالفاً لكل القوانين والمواثيق الدولية، ويشكل انتهاكاً صريحا لها. إلا أن الرئيس ترمب ومبعوثه الشخصي إلى الشرق الأوسط، وبقية أعضاء الفريق الاستشاري، واصلوا معزوفة التهجير، غير مبالين بردود الفعل الدولية.

نحن إذن إزاء حقبة سياسية أميركية، شعبوية يمينية توسعية، غير مسبوقة، تتشكل سريعاً بقيادات غير منتخبة ديمقراطياً، مُنحت صلاحيات واسعة من قبل الرئيس ترمب، من دون إبداء اعتبار للقوانين الأميركية السائدة، وأن التحرك يتم على المستويين الداخلي والخارجي. على المستوى الأول من الممكن رصد تحركات رجل الأعمال إيلون ماسك، وما يقوم به من تغييرات طالت مؤسسات أميركية ذات صيت ورصيد دوليَّين. وعلى المستوى الخارجي يتولى الرئيس ترمب بنفسه التحركات على الساحة الدولية، من دون إبداء اهتمام بالأعراف والتقاليد الدولية السائدة، أو بالقوانين وبالمعاهدات الدولية.

مما يؤكد على انعكاس خريطة في الذهن في طريقها إلى التحقق على الأرض واقعاً. العظمة الأميركية المأمولة والمرتجاة تسير بخطوات سريعة نحو التحقق، تشبّهاً بما فعله أباطرة روما في قرون مضت. الهدف كان فرض واقع روماني، باسم السلام الروماني، يتم فيه إخضاع أمم العالم وشعوبه لسيطرة الجالس على كرسي الإمبراطورية في روما. ومن حسن حظ إسرائيل، خاصةً اليمين المتطرف بأحزابه ومستوطنيه، أن الإدارة الترمبية الثانية جاءت لتمكينها فعلياً من تحقيق ما لم تتمكَّن من تحقيقه منذ عام 1948. وبمعنى أوضح، فإن السلام الأميركي المقبل، في رأيي، ينسف بتهور بذور أي سلام محتمل في منطقتنا، من خلال حرصه على فرض واقع على الأرض، لا يأخذ في اعتباره سوى تحقيق حلم إسرائيل التاريخي، في الامتداد من النهر إلى البحر، ويُنفَّذ من خلال سياسة التطهير العرقي.

 

omantoday

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

أهذه إنجازات يا حكومة؟!

GMT 16:04 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

تمهّل... أمامك مطبّات

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

تمهّل... أمامك مطبّات

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

ترمب وإيران ودروس لـ«حماس»

GMT 15:58 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

يوم التحرير... شرعية أميركية جديدة

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

لكنْ ماذا نفعل؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

فتنة حرب أهلية في غزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خريطة أميركية للعالم وجديدة خريطة أميركية للعالم وجديدة



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:34 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:03 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 04:56 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:50 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الدلو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab