استيلاء إيران على العراق

استيلاء إيران على العراق

استيلاء إيران على العراق

 عمان اليوم -

استيلاء إيران على العراق

عبد الرحمن الراشد

معركة تطهير مدينة تكريت من تنظيم داعش الإرهابي كشفت عن عمق الدور الإيراني العسكري، وسلطة قيادات من الحرس الثوري الإيراني على ما سمي «الحشد الشعبي»، وهي ميليشيات موازية للجيش العراقي. إيران أرسلت قوات ومستشارين وأسلحة، وكرر قادتها الأمنيون أقوالهم بأنهم هم الذين أنقذوا النظام وبغداد. وتحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» عن شبكة صواريخ متقدمة نصبتها إيران داخل الأراضي العراقية، كما تحدثت قيادات عراقية عن صفقة مشتريات عسكرية من إيران بعشرة مليارات دولار.
هذه ليست مظاهر دعم إيراني مؤقت للعراق في محنته، بل مشروع هيمنة واستيلاء من قبل الإيرانيين على جارهم العراق، الغني بالنفط وذي الموقع الجيوستراتيجي.
الذي تغير منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، أن إيران لم تعد تكتفي بالاعتماد على مكتب رئيس الحكومة نوري المالكي، بعد أن تم إسقاطه بشكل دستوري من قبل أغلبية القوى العراقية، وكان المالكي حليفا لصيقا لها، بل قررت أن تكون موجودة في كل المراكز العراقية؛ السياسية والعسكرية والحزبية والدينية. الزحف الإيراني على العراق، والهيمنة على صناعة قرار بغداد قد يعبر عن رغبة منها في حسم الصراع الإقليمي، بحيث تكون مهيمنة على سوريا والعراق، ويعني هذا تلقائيا هيمنة على معظم المشرق العربي، بما فيه الخليج. زاد قلق إيران عندما تمكنت القوى العراقية من إخراج المالكي الذي كان متشبثا بكرسي الحكم، وكان ينوي التجديد لنفسه أربع سنوات أخرى، ليكمل حكم العراق اثني عشر عاما بسلطة مطلقة مماثلة لنظام صدام حسين. وقد دعمت الولايات المتحدة مشروع إقصاء المالكي، بالتعاون مع السياسيين العراقيين، بمن فيهم حزب المالكي نفسه؛ «الدعوة»، الذي انشق عليه، وتم اختيار رفيقه في الحزب، حيدر العبادي، ليتولى رئاسة الحكومة.
يبدو أن إخراج المالكي جرأ النظام الإيراني على التدخل مباشرة في العراق، وتعطيل المصالحة السياسية التي تعهد بتنفيذها العبادي مع السنة العرب والأكراد، كما أجهضوا مشروع إنشاء قوة الحرس الوطني وأسسوا بدلا منها خليطا من ميليشيات شيعية متطرفة، سموها «الحشد الشعبي»، التي تتولى القتال حاليا في المناطق السنية.
استيلاء إيران على العراق، يتم وفق النموذج السوري على لبنان، الذي بدأ في لبنان تحت علم قوة الردع العربية، واستعين بالقوات السورية لمواجهة الميليشيات الفلسطينية في السبعينات. وحتى بعد هزيمة القوى المعادية للسلطة اللبنانية، فإن السوريين استمروا في لبنان، في صيغة هيمنة شاملة، قامت بإلغاء قيادات سياسية تاريخية بالاغتيال أو التهميش، وسيطروا على مفاصل الاقتصاد، وبنوا قوة حزب الله ذراعا عسكرية لهم، وحكموا لبنان بتفاصيله الدقيقة لربع قرن من الزمن.
حاليا، قيادات الحرس الثوري والاستخبارات الإيرانية توجد بأعداد كبيرة داخل العراق، معظمها تحت عنوان مواجهة تنظيم داعش، لكن حجم التدخل الإيراني يؤكد أن إيران ليست هنا في مشروع تعاون عسكري مؤقت. وما يعزز هذه المخاوف ما رددته قيادات عراقية من أن العراق اشترى أسلحة بقيمة عشرة مليارات دولار، ولأن الرقم ضخم جدا، ولا توجد لدى إيران أسلحة تستحق هذا الثمن المبالغ فيه، فإنه يوحي بصحة ما قاله أكثر من سياسي في السنوات القليلة الماضية من أن حكومة المالكي قامت بتمويل نشاطات إيرانية في المنطقة تحت مبررات مختلفة، مرة قيل إنها تعويضات مالية، ومرة أخرى وصفت بأنها قيمة مشتريات عسكرية.
والحقيقة، ليست القضية هي المبالغ المالية التي دفعها العراقيون للحرس الثوري الإيراني، مهما كان حجمها، بل الأهم نيات إيران من وراء الوجود وإدارة القوات العراقية، والتحكم في القرار السياسي العراقي.. فهل نحن أمام استيلاء إيراني على العراق؟

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استيلاء إيران على العراق استيلاء إيران على العراق



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab