صنعاء والرياض الخلل والحل

صنعاء والرياض.. الخلل والحل

صنعاء والرياض.. الخلل والحل

 عمان اليوم -

صنعاء والرياض الخلل والحل

صنعاء والرياض.. الخلل والحل
عبد الرحمن الراشد

الجغرافيا هي الحقيقة الثابتة في السياسة، وهي العامل الثابت في علاقة اليمن بالسعودية لثلاثة قرون، ومستمرة. ولهذا لا يمكن لمن يحكم اليمن اليوم، أو غدًا، صديقًا أو عدوًا، إلا أن يتعامل مع الرياض. فبعد توقف الحرب الأهلية في الستينات سرعان ما أصبح ثوار الجمهورية الجديدة حلفاء للسعودية.
اليمن بلد كبير، حدوده الشمالية طويلة 1600 كلم منها 1300 كلم مع السعودية، وخلفه البحران العربي والأحمر جنوبًا وغربًا أيضا طويلة 1900 كلم. العلاقة الجغرافية مهيمنة على علاقة البلدين. مع هذا أنا لا أتفق مع من يقول إن اليمن قد يمثل خطرًا وجوديًا على السعودية، لأنه بعيد جدًا عن مواقعه الحيوية، أكثر من ثمانمائة كيلومتر عن مكة المكرمة، وألف وثلاثمائة كيلومتر عن مناطق البترول في شمال شرقي السعودية.
إنما أتفق معهم في أنه لا تستطيع الحكومة السعودية أن تقبل للجار الكبير اليمن، وهو أكبر من سوريا ثلاث مرات، أمرين، الفوضى، وهيمنة الأجنبي عليه، مثل إيران.
وللعلاقة الخاصة بين البلدين قصة طويلة. فخلال العقود الماضية، بعد نهاية الحرب الأهلية، كان لليمن خصوصية في السعودية بحكم التاريخ والجغرافيا، فاليمنيون أكبر جالية عربية فيها، وصارت هناك علاقة سياسية خاصة انتظمت ضمن لجنة أسستها حكومتا البلدين، لمعالجة متطلبات اليمن. وكان للمملكة علاقة مباشرة مع قبائل اليمن، خاصة شمالها، تحيطهم برعايتها. السبب أن حكومة صنعاء لم تكن تستطيع أن تفرض سلطتها على أكثر من ثلث البلاد، العاصمة وبضع مدن معها، أما خارجها فقد كان دائمًا تحت سلطة القبائل، وبالتالي اعتادت الرياض على أن تتعامل مع الجميع، وعندما تحدث خروقات حدودية كانت حكومة علي عبد الله صالح دائمًا تبرر ذلك بأنه لا سلطة لها على القبائل. ووفق هذا الترتيب دامت العلاقة الثلاثية جيدة لأربعين عامًا، إلا من بضع مفاجآت موجعة من أفعال الرئيس حينها صالح. فقد تحالف مع الرئيس العراقي صدام في غزوه للكويت صادمًا للسعوديين، لأنه خان العهد بينهم. بعد سنوات من الجفاء عادت العلاقة جيدة، وتوجت باتفاقية حدود مهمة جدًا في عام 2000. وقد اختارت السعودية القبول بمعظم التفسير اليمني للنزاع الحدودي، أو ما كان يسمى بـ«الخط البريطاني»، وهو ما اعتبره صالح حينها إنجازا عظيمًا. بذلك نزعت السعودية أي مبررات محتملة لأي خلاف مستقبلي، لكن صالح نقض عهوده وترك جماعات يمنية تتحالف مع أنظمة معادية للسعودية مثل قذافي ليبيا، تنفذ أعمالاً مسلحة ضدها. ثم ظهر تنظيم «القاعدة في شبه جزيرة العرب» وصار اليمن مصدر تهديد أمني للسعودية، ورغم إنكار صالح للمشكلة وتلكؤه، فإنه تعاون لاحقًا، خاصة بعد دخول الحكومة الأميركية على الخط التي اعتبرت محاربته للتنظيم واجبًا عليه.
الفصل الأخير بدأ بُعيد الربيع اليمني، فقد سعت السعودية مع الدول الخليجية لنزع فتيل المواجهات حتى لا يتحول اليمن إلى سوريا أو ليبيا أخرى. وزاد الوضع خطورة عندما تعرض الرئيس صالح لمحاولة اغتيال، نجا منها محروقًا جزئيًا. طرح الخليجيون فكرة حل ترضي الطرفين، أن يترك صالح الرئاسة التي جلس عليها أكثر من ثلاثة عقود، ويسمح له بالعمل السياسي العام من خلال حزبه. وتقوم مكانه حكومة انتقالية مؤقتة يتم خلالها ترتيب انتخابات يقرر من خلالها اليمنيون من يريدون بإشراف الأمم المتحدة. صالح تمت معالجته في المستشفى العسكري في الرياض، لكن بعد تعافيه وعودته إلى بلاده خطط متآمرًا للاستيلاء على الحكم بالقوة، بالشراكة مع الحوثيين حلفاء إيران! وبقية الحكاية معروفة، حيث استولى صالح مع الحوثيين على المدن والعاصمة ثم قاموا بحبس الرئيس الانتقالي الشرعي وعندما تم تهريبه إلى عدن لاحقوه إلى هناك لقتله.
وكما ذكرت في البداية، أمران لا تستطيع السعودية السكوت عنهما في الجار اليمن، الفوضى، والخصم الخارجي. نذر الفوضى بدأت مع المواجهات بين القوى اليمنية في الشمال، ومع إعلان الجنوبيين عزمهم على الانفصال، ثم بان دور إيران الخطير عبر الأقلية الحوثية التي تحكم العاصمة صنعاء لأول مرة في تاريخها! وكان هذا سيعني أن إيران ستطوق السعودية في سوريا والعراق شمالاً، ومن اليمن جنوبًا.
هذه قصة مختصرة للإشكال اليمني. الآن، لا شك في أن السعودية ستحتاج إلى تجديد علاقتها بالقوى والقبائل اليمنية، كما كانت تفعل في الماضي، لأنه لا توجد سلطة مركزية تحكم كل البلاد، وعندما توجد ستحتاج هي الأخرى إلى دعم سياسي واقتصادي استثنائي. ولا يوجد ما يمنع انتصار السعودية، فغالبية اليمنيين، من شيوخ قبائل، وحتى المواطنين العاديين، مرتبطون بجارتهم السعودية أكثر من أي دولة أخرى، ولا تستطيع إيران وغيرها أن تحل محلها مهما سعت لذلك.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صنعاء والرياض الخلل والحل صنعاء والرياض الخلل والحل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab