تقسيم سورية مهمه صعبة

تقسيم سورية مهمه صعبة

تقسيم سورية مهمه صعبة

 عمان اليوم -

تقسيم سورية مهمه صعبة

بقلم : عبد الرحمن الراشد

نذ بداية انتفاضة سوريا في عام 2011 ضد نظام بشار الأسد، تنبأ البعض بتفكيك البلاد وفق مكوناتها الإثنية والطائفية، سنية وعلوية وكردية ودرزية وتركمانية. وكان المحفز الرئيسي للتفكيك الخوف على الأقليات. وبعد سنوات، تحولت الانتفاضة إلى حروب داخلية، ثم إلى تدخلات عسكرية من قوى أجنبية، إيرانية وروسية وعراقية وحزب الله، واستوطنت سوريا تنظيمات «جهادية» أجنبية ومحلية، مثل «داعش» و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام». وبسبب ويلات الحرب، تشرد اثنا عشر مليون سوري من مدنهم وقراهم ومناطقهم، ثلثهم لجأ إلى خارج البلاد، وتموضع بعضهم في مناطق تناسبه، والبقية فرت من القتل والدمار داخل بلدها.

عاد الحديث عن تقسيم سوريا لأن مسؤولين أميركيين صرحوا أخيًرا بأنهم يستبعدون أن تعود البلاد وحدة واحدة، وأن التقسيم هو الأقرب. وقد اعتبرها البعض تمهيًدا للتقسيم، وبداية «سايكس بيكو» جديد، على اعتبار أن اتفاق تقسيم المشرق القديم بين البريطانيين والفرنسيين قد انتهى مفعوله، بعد أن مر عليه مائة عام، وأن الروس والأميركيين اتفقوا على تقسيم جديد للمنطقة.

هل يوجد فعلاً اتفاق على تقسيم سوريا بين الدول الكبرى؟ صراحة، استبعد ذلك لأسباب كثيرة، أبرزها أنه تنقصهم القوة على الأرض لفرض أي حدود في منطقة الشرق الأوسط، قديمة كانت أم جديدة. فالروس والإيرانيون يحاولون منذ فترة تنفيذ مهمة أقل صعوبة، وهي تمكين الأسد من حكم المناطق التي تحت سيطرته، ومع هذا لم ينجحوا بعد، فما بالنا بخلق كيانات جديدة
متصارعة، ستتنافس على الموارد والحدود.

وهنا، استحضر مثلاً مشابًها للفوضى والحروب، العراق، جار سوريا. فمنذ عام 1990، والأكراد العراقيون يعيشون في إقليم شبه مستقل تماًما، بعد حرب تحرير الكويت. 26 عاًما مرت والأكراد العراقيون على هذا الحال. والذي وقف دون قيام جمهورية كردية في شمال العراق لم يكن صدام، ولا تركيا، ولا إيران، وهي الأطراف الثلاثة المعارضة عادة لقيام أي كيان كردي مستقل، بل المجتمع الدولي، والمصطلح يستعمل عادة للتعبير عن دول مجلس الأمن الدائمة. فقد رفض منحهم حق الاستقلال. السبب أنه لا أحد يريد تغيير خريطة المنطقة، لما قد تسببه من تفكك يؤدي لفوضى خارج السيطرة.

قد يكون المجتمع الدولي غير رأيه مع استمرار الفوضى والدم في سوريا، واقتنع بأن التقسيم حل أقل شًرا من دولة مضطربة. وتطبيق هذا الأمر ربما كان ممكًنا في أول عامين من سنوات الثورة السورية، أما اليوم فإن تهجير السكان غّير الديموغرافيا، وبالتالي لا أرى كيف سيتم تقسيم سوريا من دون وجود تجمعات متجانسة كبيرة. مدينة منبج نموذج، فبعد أن احتلها تنظيم داعش الإرهابي، هرب كثير من سكانها إلى الأرياف وما وراءها، وعندما جاءتها ميليشيات قوات سوريا المتطرفة لإخراج «داعش»، بدعم دولي، قامت هي أيًضا بطرد كثير من السكان لأسباب عرقية، وهرب من المنطقة نحو مائتي ألف. منبج مدينة ومنطقة صغيرة نسبًيا، فما بالنا بحلب التي كان يسكنها خمسة ملايين نسمة، ومن أكثر المدن التي تعرضت للدمار والتهجير؟!

أيًضا، لا يمكن تجاهل العامل الإقليمي، ومخاوف دول مثل تركيا وإيران والعراق. للمكونات العرقية والطائفية السورية امتدادات في هذه الدول، وأي اعتراف بكيانات مبنية على اعتبارات إثنية سيهدد وحدة دول الجوار. واليوم، تعارض تركيا بشدة محاولة إقامة مناطق كردية على طول حدودها. حتى إيران، التي لا حدود لها مع سوريا، تعتبره محرًكا لمشاعر نحو ثمانية ملايين كردي إيراني من سكانها. كما أن كل التجمعات تفككت، وليس الوضع بأفضل حالاً لعلويي سوريا، الذين حملوا وزر النظام بحكم انتماء عائلة الأسد لهم، فكثير من شبابهم غادر البلاد هرًبا من التجنيد الإجباري، وآلاف العائلات لجأت خشية الانتقام.

لتقسيم أي دولة شرط أساسي، عند انفضاض العقد الوطني، هو انكفاء السكان نحو مناطقهم، كما حدث في يوغوسلافيا التي تفككت إثر الحرب الأهلية إلى أربع جمهوريات برعاية دولية. أما الوضع في سوريا، فهو كالإناء المكسور الذي تناثر إلى قطع صغيرة. والحل في سوريا بالحفاظ على كيان الدولة، بنظام سياسي جديد تحت رعاية دولية، مهمة صعبة خاصة في ظل احتلال إيران وروسيا للبلاد باسم الأسد، التي صارت مثل حكومة «فيشي» النازية!
 

omantoday

GMT 10:00 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

استهداف الحوثيين والإيرانيين في البحر

GMT 18:55 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

المساومة على رفح؟

GMT 00:43 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

هل حرب إيران وإسرائيل وشيكة؟

GMT 00:00 2024 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

هل هي طبول «الربيع العربي»؟

GMT 16:25 2024 الجمعة ,15 آذار/ مارس

هل تعيد غزة التفاوض الأميركي الإيراني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقسيم سورية مهمه صعبة تقسيم سورية مهمه صعبة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab