إيران وتغيير السلوك

إيران وتغيير السلوك

إيران وتغيير السلوك

 عمان اليوم -

إيران وتغيير السلوك

بقلم : عبد الرحمن الراشد

في الوقت الذي اشتكى فيه الرئيس الأميركي لوزير الخارجية الروسي من تصرفات إيران وضرورة كبح جماحها، كان المرشد الأعلى يحذر مواطنيه علانية: إنهم يريدون أن يغيروا من سلوكنا وتغييره يعني تغيير نظامنا!

طهران تعيش هاجس التغيير الداخلي. ولم يخطئ المرشد، آية الله علي خامنئي، عندما صور تغيير سلوك نظامه بالأمر الخطير على الدولة. التغيير عملية صعبة لكنها الدواء المر، لأن النظام قديم في فكره وليس في عمره. يصلح لزمن الحرب الباردة وليس عصر الأسواق المتنافسة.

مصدر الخطر في رأيه من السياسيين الذين يغازلون الشعب، والذين يمنحونه وعود التطوير والتغيير خلال الانتخابات. المرشد يرفض: «لن نتغير»، متجاهلاً تبدل الظروف وتعاقب الأجيال وارتفاع التطلعات. والمرشحون يريدون إرضاء الناخبين من غالبية الناس، ويعدون بالتغيير الإيجابي، الذي يعتبره حراس النظام، عملاً خطيراً ومرفوضاً.

وهناك القوى الكبرى، ودول المنطقة، تشتكي من أن إيران لم تتغير. السياسة نفسها التي أسسها المرشد الأول، الخميني، في بداية حكمه. سياسته الثورات والحروب في المنطقة، ولهذا الغرض أسس ودعم تنظيمات محلية. بنى شبكة من الوكلاء تقوم بالأعمال القذرة نيابة عنه، بدأت بعمليات خطف طائرات وخطف وقتل دبلوماسيين وأكاديميين، ومحاولة السيطرة على السلطات المحلية في الدول المستهدفة. إلى هذا اليوم، هذه سياسة إيران. وعندما عبرت الإدارة الأميركية ضد السلوك الإيراني، فإنها في واقع الأمر تشتكي من وضع دام أكثر من ثلاثة عاماً، هي سبب الفوضى والقلاقل في المنطقة. الضغط يتزايد على إيران، أعني نظامها السياسي، بأن يتغير سلوكه ليتأقلم مع العالم الجديد أو قد يغير. الحقيقة أن الخطر الأعظم عليه لا يأتي من الأميركيين ولا من خصومه الإقليميين، بل من الداخل الإيراني.

سلطات طهران تعيش حالة قلق خشية أن تفلت الانتخابات عن السيطرة، كما حدث في انتخابات عام 2009، رغم أن العملية السياسية نفسها مصمَّمَة بحيث تدور في الإطار الرسمي، سواء من حيث السماح فقط للمحسوبين على النظام بالترشح، وتقييد الرسائل الانتخابية، والسيطرة على المنصات الإعلامية، وإدارة عمليات الفرز والنتائج.

التحديات التي يواجهها النظام القديم في طهران أنه يرفض بشدة التعامل بواقعية مع تبدلات الأجيال، لقد تغيرت تقريباً كل أنظمة العالم، صارت تتعايش مع محيطها. الصين، مثلاً، بقي النظام لكن تبدلت أساليبه، تخلى عن شرعية الآيديولوجيا إلى الإدارة المدنية الحديثة وشرعية الإنجاز الاقتصادي. حتى فيتنام (أشهر بلد حارب آيديولوجيا) تبدلت وانفتحت على العالم، بما في ذلك مع عدوتها الولايات المتحدة. من المفترض أن تتعظ إيران مما جرى للأنظمة العربية التي رفضت التحول والتحديث، انهارت. من نظام صدام العراق، إلى القذافي في ليبيا، وصالح في اليمن، والأسد في سوريا يعيش معاناة بقاء كبيرة.

هذه الصرامة الآيديولوجية، والديماغوجية السياسية، ومركزية المشروع الأمني العسكري ستؤدي بإيران إلى الهاوية. ستعيش أزمات خارجية في تبنيها مشاريع الحروب في العراق وسوريا واليمن، ودعمها الجماعات الدينية المسلحة المتطرفة في البحرين وباكستان وغيرها. ليس هذا فقط، بل إن الوضع الداخلي في إيران لا يمكن تكبيله بسلطات رجال الدين التي تعارض تطلعات الشباب، الأغلبية الساحقة من السكان. المرشحون حاولوا استمالة الناخبين الإيرانيين بالوعود الانفتاحية لكن المرشد نهاهم عن فتح هذا الباب، ولو كان ذلك من قبيل الدعاية الانتخابية المضللة. هذا الصراع الانتخابي يشي بالتبدلات الفكرية والاجتماعية، ويكشف توقعات الشعب الإيراني التي يحاول نظام الملالي كبتها

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

omantoday

GMT 13:15 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 08:11 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

الأردن و«حل الدولة الواحدة»

GMT 07:47 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الأفضل لفتح: قائمة مـوحـدة أم قائمتان؟

GMT 07:42 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

«وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وتغيير السلوك إيران وتغيير السلوك



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab