التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام

التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام

التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام

 عمان اليوم -

التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام

عبد الرحمن الراشد

من صالح الإسلام، ومن صالح المسلمين في الغرب، أن تكون هناك إجراءات مشددة وقاسية تشريعية وأمنية ضد الجماعات المتطرفة، حتى لو لم يرتكبوا أعمال عنف. إنها الطريق الوحيد لإنقاذ ملايين المسلمين وحماية الإسلام من أهله الذين شوهوه. عندما تتخذ الحكومات الغربية مواقف صارمة بطرد الدعاة المتطرفين، أو إغلاق جمعيات، أو ملاحقة جماعات دينية، فإنها بذلك تحمي المسلمين من متطرفيهم، وتحميهم أيضا من غضب الأغلبية غير المسلمة التي لم تعد تقبل سكوت حكوماتها على الرعب الذي بثه «داعش» والمتطرفون بشكل عام. علينا ألا ننظر إليه كعمل عنصري، رغم وجود العنصرية هناك، ولا أن نقلل من حجم الصدام المتوقع مع المجتمع في الغرب، الذي صار يتجه إلى المزيد من العداء والكراهية للمسلمين نتيجة الأعمال البشعة التي يرتكبها مسلمون باسم الإسلام.
المعركة هناك متعددة الجبهات، ففي الساحة الفرنسية يقدر عدد المسلمين بنحو خمسة ملايين، وفرنسا أكثر بلد أوروبي تعرض لاعتداءات تنظيمات إرهابية تحمل اسم الإسلام مثل «داعش». وفرنسا، مثل بريطانيا والدنمارك وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، وجدت نفسها عند التعامل مع المسلمين في إشكالات متعددة، دينية وأمنية وسياسية وبالطبع قانونية. ولأن الخطر ثقافي وأمني في وقت واحد، لا بد أن تُمارس الدولة سلطتها لحماية المجتمع الكبير، فكيف يمكن لها أن تطرد المتطرفين إذا كانوا مواطنين؟ وكيف تستطيع أن تبعد المقيمين إقامة شرعية إذا ثبت انغماسهم في نشاطات متطرفة دون حمل للسلاح؟ والأهم من هذا كله هو كيف يمكن تحصين عشرات الآلاف من الشباب من مسلمي فرنسا من استحواذ المتطرفين عليهم وتحويلهم إلى أعداء لدولتهم التي يحملون جنسيتها؟
الجدل مشتعل في معظم الدول الأوروبية، غالبية مواطنيها الخائفين على بلدهم وأنفسهم تتهم حكوماتها بالتقاعس، ومن جهة أخرى هناك مواطنوها المسلمون الملتزمون بالقانون يرفضون أيضا القوانين التمييزية ضدهم، أو ممارسات الحكومة التي تستهدفهم نتيجة الضغوط الشعبية عليها بسبب فعل أقلية متطرفة. مع هذا من المتوقع أننا سنشهد المزيد من القوانين الصارمة التي تستهدف الجماعات المتطرفة، وعسى أن تفرق بينهم وبين غالبية المُسلمين، وإن كان هذا سيأتي على حساب الحقوق والحريات.
الوضع لا يختلف كثيرا عن الإشكالات التي تمر بها الحكومات العربية نفسها، التي تجد نفسها مضطرة لملاحقة المتطرفين، بمن فيهم الذين لم يحملوا السلاح، وتحاول إقناع مواطنيها بأن الوضع استثنائي بما يبرر لها فرض قرارات استثنائية. فتونس بسبب التفجير الأخير ستفقد السياحة، حيث نجح المتطرفون بعملية إرهابية واحدة في ضرب مورد الحكومة المالي الرئيسي، وبسببها سيقاطع السياح من أنحاء العالم تونس. لهذا اضطرت إلى إعلان جملة قرارات من بينها إغلاق مساجد لجماعات متطرفة، وبدأت اعتقالات واسعة. المغرب بدوره طلب من العاملين في المجال الديني ألا ينخرطوا في العمل الحزبي والسياسي. مصر أعلنت أنها بصدد مصادرة المنشورات المتطرفة، وأنها تنوي دعم الدين الوسط فقط. وبعض الدول الخليجية بدأ التضييق على منابر التطرّف، ومن المتوقع إغلاق قنوات الفتنة مثل «وصال» وغيرها. وسيحذو حذوهم المترددون العرب، وسيسيرون في نفس الطريق ضد التطرف، لأننا سنشهد المزيد من الجرائم، ولأنه ثبت للجميع، عقلا وعملا، وجود علاقة متينة بين التطرّف والإرهاب.
في فرنسا الضغوط كبيرة على الحكومة. فقد هزت المجتمع سلسلة جرائم متتالية ارتكبت باسم الإسلام، آخرها جريمة رجل اسمه ياسين الصالحي في مدينة ليون قطع رأس شخص هزت مشاعر الناس، شعروا كما لو أن فرنسا صارت مثل سوريّا، ودفعتهم إلى التظاهر أمام المساجد تنديدًا واستنكارا، أي أن الإسلام صار هو المتهم وليس صالحي أو «داعش».
وبسبب الضغوط الشعبيّة حاول وزير الداخلية طمأنة الغالبية معلنا للناس أنّه متشدد ضد متطرفي المسلمين، «طردنا منذ 2012 (أي منذ تاريخ وصول الرئيس فرنسوا هولاند إلى الرئاسة) 40 من الأئمة ودعاة الحقد، بينما لم يُطرد إلا 15 منهم خلال السنوات الخمس السابقة، ونحقق في 22 ملفًا حاليًا». وقال إنهم بصدد إغلاق الكثير من الجمعيات الإسلامية المشبوهة.
هذه نتيجة طبيعية للفكر المتطرف الذي ظن أن المجتمعات المتسامحة في الغرب أرضا رخوة يمكن له أن يحتضن فيها ويولد عليها المتطرفون، ويستطيع أن يغيرها بناء على مواصفاته وقوانينه. كل ما فعله المتطرفون أنهم لَمْ يؤذوا الغرب بَلْ آذوا المعتدلين من المسلمين، وأساءوا للإسلام الذي وجد مكانة كبيرة خارج موطنه الأصلي.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab