وظيفة «داعش» السورية والإيرانية

وظيفة «داعش» السورية والإيرانية

وظيفة «داعش» السورية والإيرانية

 عمان اليوم -

وظيفة «داعش» السورية والإيرانية

وليد شقير

في هذا الخضم من الذعر المبرر والمفهوم، إزاء سيطرة تنظيم «داعش» على محافظة نينوى والموصل في العراق وتهيئه للتوجه نحو بغداد، وفتحه الحدود بين بلاد الرافدين وبلاد الشام، يطرح بعض الذين ينظرون إلى هذه «الفضيحة» و «المؤامرة» التي سمحت لمسلحي هذا التنظيم المغالي في تطرفه، بتسلم تلك المناطق الشاسعة من الجيش العراقي، الأسئلة عما إذا كان الأمر يأتي في سياق واحد لسياسة القوى الإقليمية الحاضنة لـ «داعش» ولـ «الإرهاب» تحت الطاولة، والذي يدعي النظام السوري وحليفه الإيراني، فوق الطاولة، أنهما يقاتلانه في سورية، لصرف الأنظار عن جرائم وأد ثورة الشعب السوري منذ عام 2011.
مع خطورة ما حصل، يستعيد هؤلاء السياق الذي أدى إلى بروز التنظيم في سورية وقبلها في العراق.
تطلبت حاجة طهران ودمشق وبغداد نوري المالكي إلى تقدم أولوية محاربة الإرهاب، على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، الإفراج عن سجناء أصوليين متطرفين منذ عام 2012 من سجن تدمر في سورية وتهريب عدد كبير منهم من سجن أبو غريب في العراق، فتجمعوا في بلاد الشام وسلّم النظام محافظة الرقة وبعض مناطق دير الزور لمسلحيهم فسيطروا على آبار نفطٍ سورية وتقاسموا عائداتها بالتراضي مع النظام وعاثوا تقتيلاً وقمعاً للسكان في مناطق جلها سنّية، وعبثوا بأماكن عبادة مسيحية، وفتحوا جبهات مع «الجيش السوري الحر» والمعارضة المعتدلة، ومع «جبهة النصرة» التي تقاتل النظام، وتسببوا بسقوط قتلى من الميليشيات المعارضة بمقدار ما تسببت به ميليشياته. ولم تفد التقارير عن معركة ذات مغزى خاضوها ضد جيش الأسد. وكانت براميل الجيش السوري المتفجرة تسقط على مواقع «الجيش الحر» وغيره وتستثني مواقع «داعش» ولو كانت على بعد مئات الأمتار. ووفر التنظيم حجة قوية للنظام وحليفه الإيراني بأن الأولوية لمحاربة الإرهاب على الحل في «جنيف - 2»، ونجح في جر الغرب إلى الامتناع عن التسليح النوعي للمعارضة، مخافة وقوع السلاح بأيدي المتطرفين. وتلاقى ذلك مع المصالح الأميركية بأن يتجمع «القاعديون» في الحلبة السورية في حرب الاستنزاف التي تروق لإدارة باراك أوباما. وبالمقدار نفسه برر صعود «داعش»، استنفار إيران الميليشيات الشيعية التي ترعاها في العراق وأفغانستان ولبنان لتدخل المعركة في بلاد الشام، واعتماد الحدود المفتوحة من جانب «حزب الله» في لبنان وبين العراق وسورية في سياق الساحة المفتوحة الممتدة من طهران إلى جنوب لبنان.
وفي العراق سمحت الحدود المفتوحة مع سورية لـ «داعش» بأن يصبح طرفاً رئيسياً في الحرب بين جيش المالكي وبين المحتجين على تفرده في الحكم، في الرمادي والفلوجة والأنبار عموماً، ووفر له الحجة نفسها بأنه يحارب الإرهاب لا المنتفضين على سياسته الموصومة بالفئوية وبتسليم البلد للنفوذ الإيراني، فاختلط الأمر بين مواجهته التنظيم، والعشائر والقوى السياسية المعارضة، فمنشأ التنظيم كان خليطاً من الأصوليين وضباط جيش صدام حسين الذين أبعدهم حل القوات المسلحة من جانب بول بريمر، والذين استفادوا من الدعم السوري في تشكيل خلايا المقاومة للاحتلال الأميركي بعد عام 2003، والذين يمسك النظام بخيط التواصل معهم ويتبادل الخدمات وإياهم.
هل أفلت «الوحش» من أيدي دمشق وطهران بفتحه جبهات في العمق العراقي وتهديده أمن الجيران؟
طارحو الأسئلة عما إذا كان التطور العسكري الذي استنفر مجلس الأمن والدول الكبرى كلها والعواصم الإقليمية يأتي في السياق الذي استولد «داعش» وغيره، يذهبون إلى أسئلة أخرى: ماذا يضير طهران ودمشق أن يعبث التنظيم بالمناطق السنّية المنتفضة على المالكي ونفوذ إيران، مثلما يعبث بها في سورية ويشاغل معارضي النظام الفعليين و «المعتدلين»؟ ألا يفسح التطور الخطير في المجال لطهران بأن تتدخل أكثر في بلاد الرافدين تحت عنوان محاربة الإرهاب الذي يقلق المجتمع الدولي والإقليم على ما قال الرئيس حسن روحاني أمس من أن بلاده ستكافح العنف والإرهاب في العراق؟ وهل لما حصل وظيفة التغطية على التعثر في مفاوضات 5 + 1 على الملف النووي وطلب طهران تمديدها عن تاريخها المقرر في 20 تموز (يوليو) المقبل؟
وإذا صحت فرضية أن «الوحش» أفلت من حاضنيه، فإن العارفين بطبيعة «داعش» يرون أنه غير قادر على الثبات في المناطق الواسعة التي احتلها، وأن تكتيكات مقاتليه تقوم على المشاغلة والكر والفر لا على البقاء، وأن مجتمعاتها لن تتعايش معه. فهل «وظيفة» دخول التنظيم إليها إسكات الرافضين عودة المالكي إلى رئاسة الحكومة بعد انتخابات 30 نيسان (أبريل) الماضي، باستدراج القيادات الشيعية التي تعترض عليه، مثل القيادات السنّية، إلى التسليم به، أم أن ما حصل مناسبة لتسوية مع هؤلاء على شخصية أخرى، مثلما حصل في لبنان تحت عنوان انضمام هؤلاء المعارضين إلى محاربة الإرهاب الذي تنامى نتيجة سياسة طهران، فيساهمون بتحمل قسط من المواجهة معه؟

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وظيفة «داعش» السورية والإيرانية وظيفة «داعش» السورية والإيرانية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab