المفتي الأكثر ميلا للخمينية من الملا

المفتي الأكثر ميلا للخمينية من الملا

المفتي الأكثر ميلا للخمينية من الملا

 عمان اليوم -

المفتي الأكثر ميلا للخمينية من الملا

أمير طاهري

 من خلال تطرقي لسياسيين من جنسيات عديدة على مدى عقود، كنت أعتقد أنني لم أعد أندهش من انحطاطهم لهذا المستوى من الكلبيّة السياسية (أي النزعة التهكمية المتطرفة). وفي الأسبوع الماضي فوجئت عندما أدركت أنني لم أتجاوز مرحلة الإصابة بالدهشة.
ويكمن السبب وراء ذلك في الآتي: في الأيام القليلة الماضية نشرت وسائل الإعلام الرسمية في طهران عددا من الروايات التي أدلى بها وفد إيراني كان قد أُرسل إلى سوريا لمراقبة ما يسمى بالانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس بشار الأسد بنسبة 88.88 في المائة من الأصوات. فكانت المفاجأة الأولى عندما أخبر الأسد - الذي تتضاءل شرعيته ويزداد عنده الشعور بالأنا - الزوار بأنه يدين بهذا «الفوز» لـ«توجيهات الإمام خامنئي». كانت هذه بمثابة مفاجأة لأنه في الوقت ذاته الذي كان الأسد يلقي فيه تصريحاته المتملقة، كان خامنئي يأمر أتباعه أن يكفوا عن وصفه بـ«الإمام»؛ حيث أكد بيان صادر عن مكتبه: «يحثكم القائد على عدم استخدام لقب إمام... ويكفي استخدام لقب آية الله العظمى».
كان «المرشد الأعلى» يرد بذلك على عدد من الهجمات المقنعة شنها ضده كبار رجال الدين في مدينة «قم»، ممن لم يعترفوا به على الإطلاق زعيما دينيا، رغم قبولهم اعتباره الشخصية السياسية الأولى في الجمهورية الإسلامية.
وفي الشهر الماضي، حذر آية الله العظمى وحيدي من أولئك الذين «يتجاوزون الحدود ويطلقون على أنفسهم حجة الإسلام، ثم آية الله، ثم آية الله العظمى». ورغم أنه لم يذكر خامنئي بالاسم، فإن الجميع أدركوا من المقصود. كما ذكَّر آية الله العظمى شبري زنجاني الجميع بأن إيران تتبنى المذهب الشيعي الاثني عشري، وهذا يعني أن لديها فقط 12 إماما، وآخر إمام «مختفٍ» وسوف يعود في نهاية الزمان.
يدرك الجميع أنه إذا استمر الأسد في السلطة، فإن الفضل في ذلك يرجع - إلى حد كبير - إلى دعم وتأييد طهران، ولذلك فهو ممتن للقيادة في طهران، ولكنه غير ملزم بأن يكون ورعا تقيا على نحو مفرط. فالأسد هو طبيب عيون، ولم تكن لديه معرفة باللاهوت الإسلامي، وهو أيضا قائد حزب البعث القومي الاشتراكي، الذي من المفترض أنه علماني، كما أن الطائفة الدينية التي ينتمي لها لم يجر الاعتراف بها على الإطلاق باعتبارها جزءا من الإسلام من قبل رجال الدين الشيعة، ولذا من الممكن إعطاؤه العذر جراء عدم معرفته الفرق بين الإمام وآية الله.
ولكن إذا كان الأسد معذورا لجهله بالدين الإسلامي، فماذا عن أحمد بدر الدين حسون، المفتي العام لسوريا؟ فقد قدم السيد حسون المحترم مفاجأة الأسبوع الثانية من خلال تقديم رواية غريبة عن التاريخ الإسلامي القديم. ففي لقائه له مع الوفد البرلماني الذي يتبنى نهج الخميني، وصف حسون «فوز» الأسد بـ«النعمة التي حلت على الشعب السوري»، ويعد هذا الأمر مفهوما في ضوء كون حسون موظفا يعمل لدى حكومة الأسد، ولكن الأمر الذي يعد غير مفهوم - بغض النظر عن أنه من الممكن تبريره - هو محاولته إضفاء الطابع الديني على ما يعد مثالا للكلبيّة السياسية المجردة؛ فحسب الروايات التي أدلى بها أعضاء الوفد الإيراني في وسائل الإعلام الرسمية بطهران، ادعى حسون أنه عقب وفاة النبي محمد، أدخل المسلمون بعض المفاهيم مثل مفهوم «الخليفة» جنبا إلى جنب مفهوم «الإمام». وفي هذا السياق، واصل حسون موضحا أنه في عهد النبي كان الإمام يجري اختياره «بموافقة من عند الله»، بينما كان يختار الناس «الخليفة» من خلال أداء يمين الولاء (البيعة)، بعبارة أخرى، فإن الله والناس أتاحوا خيارات مختلفة.
في ظل هذا النظام المزدوج، لا يمكن لـ«الخليفة» القيام بواجباته من دون تأييد «الإمام»، ولذا، كان الخلفاء الثلاثة الأوائل وهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، بحاجة لعلي ليكون بمثابة «إمام» لهم (ولم يذكر حسون ماذا حدث عندما كان علي نفسه خليفة).
وبمحاولة تطبيق نظريته على هيكل السلطة الحالي في إيران وسوريا، ادعى حسون أن «النجاح الباهر» الذي حققته الجمهورية الإسلامية في إيران يعزى إلى «الإمام» الخميني، وبعده «الإمام» خامنئي. ويرى حسون أن مختلف رؤساء الجمهورية الإسلامية، بمن فيهم رفسنجاني، وأحمدي نجاد، وروحاني، هم بمثابة الأشكال الحديثة لـ«الخلافة»، بينما كان يلعب كل من الخميني وخامنئي دور «الإمام».
ثم ادعى حسون بعد ذلك أنه في سوريا اليوم، يلعب بشار الأسد دور «الخليفة»، ويحظى بتأييد خامنئي باعتباره «الإمام».
وإذا نحينا جانبا المصطلحات الإسلامية الزائفة التي ذكرها حسون، يعد التحليل الذي قدمه صحيحا، فالأسد يحظى بتأييد خامنئي، ولكن يعد أفضل وصف لموقف الأسد هو الكلمة الفارسية satrap (تعني مرزبان أي حاكم ولاية فارسية)، فالأسد هو مرزبان سوريا، بينما يلعب خامنئي دور الشاهنشاه (Shahanshah)، وهي كلمة فارسية تعني (ملك الملوك). ولم يكن هناك جديد في ذلك الأمر، فلما يقرب من 1000 سنة وسوريا تعد بمثابة مرزبانية إيرانية، ولكن الجديد في ذلك أن الأسد بقدر ما يمثل صورة كاريكاتيرية للمرزبان، بينما خامنئي بمثابة ملك الملوك.
ولم يقف تملق حسون الذليل عند هذا الحد؛ ففي المقابلة التي جرت مع البرلمانيين الذين يتبنون نهج الخميني، سألهم عما إذا كانوا قد استمعوا للخطاب الأخير الذي أدلى به خامنئي، وكانت إجابتهم بالنفي نظرا لأنهم كانوا موجودين في سوريا لمراقبة «الانتخابات» الرئاسية. وعندئذ فجر حسون مفاجأة مؤلمة؛ حيث أوضح أنه «لا يوجد شيء أكثر أهمية من الاستماع إلى التوجيهات الأخيرة للإمام»، كما ذكر قائلا: «لن أسمح لنفسي على الإطلاق بأن يفوتني خطاب الإمام». وأضاف: «في كل مرة أستمع فيها لخطابه، أتعلم قدرا كبيرا من الحكمة».
والآن، أرجو ألا تسيئوا فهمي. إنني أتفهم أن خامنئي، باعتباره القائد السياسي لنظام محاصر، والذي يواجه سخطا متناميا في الداخل، وضغوطا متواصلة من الخارج، بحاجة لإقامة أي تحالفات، حتى لو كانت مع ديكتاتور فقد مصداقيته مثل بشار الأسد. كما أنني أتفهم لماذا يجب على حسون - الذي يعتمد مصيره، وربما تكون حياته، على استمرارية نظام الأسد - محاولة استرضاء الراعي الأجنبي للنظام السوري، فيبدو أن كلا الموقفين مفهوم في ضوء سياسات القوة والنفوذ. ما أعارضه هو الخلط بين الدين وما يعد حسابات سياسية مجردة.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفتي الأكثر ميلا للخمينية من الملا المفتي الأكثر ميلا للخمينية من الملا



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab