موسكو وفزاعة الحرب العالمية الثالثة

موسكو وفزاعة الحرب العالمية الثالثة

موسكو وفزاعة الحرب العالمية الثالثة

 عمان اليوم -

موسكو وفزاعة الحرب العالمية الثالثة

عبد الرحمن الراشد

نسب إلى رئيس الوزراء الروسي، ديمتري مدفيديف، في مؤتمر ميونيخ، قوله محذرًا بأن دخول قوات برية للقتال في سوريا قد يتسبب في حرب عالمية ثالثة. ورغم خطورة ذلك لم يعِر أحد اهتمامًا له، لأنها تبدو تصريحات مكذوبة، من نسج خيال الإعلام الإيراني الذي دأب على تكرارها.

فرضية المواجهة والحرب العالمية كلام غير واقعي، مجرد تهويمات إعلامية لا يأخذها الاستراتيجيون على محمل الجد. ولو كان هناك سبب للصدام لكان أولى أن يقع بسبب احتلال روسيا شبه جزيرة القرم، لكن الغرب اكتفى ببيان شجب فقط. وكان الصدام أولى بالحدوث بعد أن أقصى الغرب الروس من كييف، عاصمة أوكرانيا، الأكثر أهمية للكرملين من سوريا. لكن الحرب العالمية ليست في قاموس الدول الكبرى؛ فسوريا معركة جانبية للغرب، وهي محل استعراض قوة بالنسبة للروس.

ومثلما نجح الثوار السوريون بهزيمة الإيرانيين في سوريا، الذين فشلوا فشلاً واضحًا طوال عامين في حربهم البرية، يمكن أن يفعلوا الشيء نفسه لاحقًا ضد الروس لو سلحت المعارضة بما يلغي السيادة المطلقة للقوة الجوية الروسية. الحرس الثوري الإيراني تولى قيادة الحرب في سوريا طوال عامين، بدعم عسكري ولوجستي روسي، ومالي من العراق، وبمقاتلين من حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية، مع هذا لم يستطع أن يتقدم بعيدًا، بما في ذلك محيط العاصمة دمشق، حيث ظلت الضواحي مثل الغوطة في يد الثوار. بل وفشل الإيرانيون حتى في فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء، رغم الوعود والدعاية الكبيرة التي رافقت المعارك. بعد سنتين فك الحصار فقط قبل أيام، بعد دخول روسيا في الحرب.

لن تكون هناك حرب عالمية، ولن يكون هناك صدام عسكري مباشر بين روسيا والغرب. وأستبعد وقوعه أيضًا مع قوات إقليمية مثل تركيا، التي امتحن الطرفان حدود التوتر بينهما في حادثة إسقاط الأتراك طائرة السوخوي الروسية. الذي يمكننا أن نتوقعه، نتيجة التمادي الروسي العسكري ومحاولة فرض الحل الإيراني على الشعب السوري، أن تستمر المعارك بدعم أكبر للمعارضة وزيادة التورط الروسي.

وها نحن نرى الروس في حالة غضب من دعم المعارضة، والتصريحات السعودية بشأن التدخل البري ضد التنظيمات الإرهابية، لأن هدفهم من الحملة العسكرية الضخمة فرض أمر واقع جديد، مثلاً بالاستيلاء على كل حلب، وبالتالي فرض حل سياسي في جنيف. ولو فشلوا خلال الفترة القليلة المقبلة في ذلك، فإن الروس يكونون قد دمروا سوريا لكن بلا مكاسب سياسية، الذي هو الهدف الأساسي من الحرب.

الموقف الإقليمي والدولي مهم في حسم الوضع السوري، وليس الروسي والإيراني فقط. فالأرجح ألا يتدخل الغرب مباشرة في حرب هناك، لكن دولاً مثل تركيا والخليج قد تضطر إلى التدخل بشكل ما، أو زيادة دعمها للمعارضة السورية، وحينها لن يجد الغرب بدًّا من دعمها في ظل اتساع دائرة الأزمة، بسبب ملايين اللاجئين، وخطر الإرهاب، وزيادة وتيرة العنف.

والروس، اليوم، غاضبون من فكرة أي تدخل، تحت أي عنوان، بما في ذلك دعم المعارضة وتضميد جراحها التي تعرضت لنكسات كبيرة نتيجة التدخل الروسي.

ومع ارتفاع لغة التحدي فإن بمقدور الروس الحصول على نصف انتصار سياسي لو قبلوا بمفهوم حل الحكم المشترك؛ المعارضة مع النظام السوري من دون الأسد، فالمعارضة السورية التي كانت ترفض هذا الطرح لم تعد في وضع عسكري يسمح لها برفض كل شيء. ودول فاعلة، مثل تركيا والخليج، سبق لها أن عبرت عن قبولها لهذا الحل السياسي من قبل. لكن سيحتاج حلفاء المعارضة إلى دعمها على الأرض من أجل دفع هذا الحل السياسي إلى الأمام، لأن العمل العسكري هو أهم أداة في المفاوضات. وهذا ما عبر عنه سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، عندما قال لصحيفة «موسكوفسكي» قبل أيام، إن المراهنة على الحل العسكري أصبحت أمرًا واقعيًا.

تركيا هي اللاعب الأساسي على الجانب الآخر، ولا شك أن تلكؤها الطويل في التدخل أوقعها في أزمات متعددة. فالروس والإيرانيون الآن ينشطون في بناء جبهة كردية حدودية طويلة معادية لتركيا تكون فاصلة بينها وبين سوريا. وهذا يعني تهميش دور تركيا ونفوذها في سوريا من جانب، وتهديد أمن تركيا بشكل مستمر. ولا أتصور أن الأتراك سيسمحون بهذا التطور الخطير ولا خيار لهم سوى زيادة دعم المعارضة، وتفعيل دور اللاجئين لتكوين جيش تحرير بديل. وقد لا تصل الأمور إلى هذا الحد من التعقيد إذا اقتنع الروس والإيرانيون بجدية التحديات ضدهم، وسيجدون في صالحهم القبول بالحل السياسي المطروح حاليا.

omantoday

GMT 22:15 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

عام الأزمات والأحداث المستطرقة

GMT 18:34 2023 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

من يكسب الحرب؟

GMT 21:32 2023 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

«غزة» دائرة انتخابية لبايدن!

GMT 09:49 2023 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

بعد كلمة السعودية هل من يعتبر في لبنان وفلسطين؟

GMT 12:13 2023 الجمعة ,29 أيلول / سبتمبر

من الأوليغاركيين إلى البلوتوقراطيين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو وفزاعة الحرب العالمية الثالثة موسكو وفزاعة الحرب العالمية الثالثة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab