طارق الحميد
وجهت إسرائيل ضرباتها لسوريا، واستهدفت ما استهدفته هناك، فجاء رد نظام بشار الأسد وحزب الله على تلك الضربات ممزوجا بالصراخ، والتهديد، وهو صراخ ليس على قدر الألم، بل إنه على قدر الحرج الذي وقعا فيه، عندما أكلا الضربة، ولم يقوما بالرد!
بالنسبة للنظام، وبحسب ما نشرته صحيفة «الأخبار» اللبنانية، المقربة منه ومن حزب الله، ونقلا عن زوار للأسد، فإنه يقول إن سوريا كانت «قادرة بسهولة على أن ترضي شعبها، وتنفّس احتقانه واحتقان حلفائها، وتشفي غليلها بإطلاق بضعة صواريخ على إسرائيل، ردا على الغارة الإسرائيلية على دمشق. هي تدرك أن الإسرائيلي لا يريد حربا، وأنه في حال قيامها بردّ من هذا النوع، ستعتبر ضربة في مقابل ضربة. أصلا الوضع الدولي لا يسمح بحرب لا تريدها أصلا إسرائيل ولا أميركا. بذلك نكون قد انتقمنا تكتيكيا. أما نحن، فنريد انتقاما استراتيجيا، عبر فتح باب المقاومة، وتحويل سوريا كلها إلى بلد مقاوم». وحديث الأسد هذا يكشف مدى الحرج الذي يشعر به شخصيا جراء عدم رده على الغارات الإسرائيلية، خصوصا أن الأسد أكثر من تاجر بالمقاومة.
أما بالنسبة لحزب الله، فقد كان حسن نصر الله أكثر وضوحا، وصراخا، حين قال في كلمته، أول من أمس (الخميس)، وهو يضحك، محاولا تبسيط الموضوع، إن البعض يتساءل «صادقا»: لماذا لم ترد سوريا أو الحزب على الغارات الإسرائيلية؟ والبعض الآخر يقول: لماذا لم يردوا، من باب أن يكسر بعضهم بعضا، أو كما يقال عاميا: «فخار يكسر بعضه»، أي حزب الله والأسد وإسرائيل، وهذا الكلام وحده يظهر مدى الحرج الذي يشعر به نصر الله أيضا، نظير عدم الرد على الغارات الإسرائيلية، ولذا لوح نصر الله بفتح جبهة مقاومة من الجولان، عبر حزب الله سوري جديد، وهو التهديد نفسه الذي نقلته صحيفة «الأخبار» على لسان الأسد، الذي هدد بتحويل سوريا إلى دولة مقاومة، مما يثبت أن النظام الأسدي، الأب والابن، لم يكونا إلا تجارا غرروا بكثر في قصة المقاومة المزعومة. فتصريحات الأسد تظهر أنه غير قادر على الرد، نظرا لعدم التوازن بالقوى، ولمعرفته أن الرد المباشر على إسرائيل يعني النهاية الحتمية والسريعة، وبالنسبة لحزب الله، فرغم كل هذا الصراخ، فإنه سبق للحزب، وكذلك إيران أيضا، نفي أن تكون الغارات الإسرائيلية قد استهدفت أسلحة موردة من إيران للحزب، مما يعني أن طهران والحزب يحاولان التهرب من مناقشة الغارات الإسرائيلية إعلاميا، لكن الحرج لم يرفع، ولذا خرج نصر الله يصارخ، ويهدد.
ملخص القول إن الأسد وحزب الله يعيان حجم ورطتهما؛ سواء ردا على إسرائيل أم لا، ولذا فهما يصرخان صراخا ليس على قدر الألم وحسب، بل وعلى قدر الحرج، وفي هذا الصراخ أيضا محاولة لمساندة روسيا في مفاوضاتها الصعبة مع الأميركيين على رأس الأسد.