طارق الحميد
على الرغم من اعتراف زعيم حركة حماس خالد مشعل، في مقابلة له مع صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية، ومن مقر إقامته في قطر، أن لا توازن في القوى بين حماس وإسرائيل، وإدراكه بعدم جدوى الصواريخ المطلقة من غزة، نجد أن هناك هجوما وتصعيدا إعلاميا، وسياسيا، ضد مصر ورئيسها، وليس حماس!
الجميع يدرك، ويقر، حجم وحشية العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو أمر مفروغ منه، لكن لماذا يتركز الانتقاد والتطاول على مصر، وليس على حماس التي لم تراع سكان غزة، ولم ترفق بهم، وهي، أي حماس، ترمي بهم في أتون حرب غير متكافئة من أجل تحقيق أهداف سياسية ضيقة، وليس الوصول، مثلا، إلى حل الدولة الفلسطينية، وهو ما يعترف به مشعل في مقابلة «التلغراف»؛ حيث يقول إن هناك أهدافا سياسية يجب أن تتحقق، وليس منها بالطبع مشروع الدولة الفلسطينية، وتلك الأهداف التي يطالب بها مشعل هي ما تضمنته المبادرة المصرية التي رفضتها حماس، وكان من شأنها حقن الدماء الغزاوية، وتجنب العمليات الحربية البرية هناك من قبل إسرائيل.
اليوم، وبدلا من انتقاد حماس على مغامراتها، والتي هي تكرار لمأساة حرب غزة 2009 والتي وصفها خالد مشعل من الدوحة حينها بـ«الألم العابر» رغم وقوع أكثر من ألف قتيل وما يزيد على خمسة آلاف جريح فلسطيني، نجد أن هناك حملة تشويه متعمدة وكاذبة بحق مصر تبدأ من سخافات تتحدث عن معونات «فاسدة» من قبل الجيش المصري لغزة، وتنتهي بالقول إن مصر تتآمر على غزة، ويقال ذلك في الوقت الذي يستهدف فيه الجيش المصري يوميا! والأدهى من كل هذا أن الهجوم على مصر يأتي بعد إفساد المبادرة المصرية، ووسط الحديث عن مبادرة قطرية لوقف الحرب في غزة، وهذا يكشف أن دماء غزة ما هي إلا للتجارة، وأحد أهدافها النيل من مصر، وأن المستفيدين من حرب غزة ليست إيران وحلفاؤها وحدهم، بل وآخرون باحثون عن دور!
وبحسب ما نقلته وكالة «رويترز»، فإن مصدرا قريبا من الحكومة القطرية يقول: «لدينا علاقات جيدة مع حماس والغرب، وسجل قوي كوسطاء دوليين». ومضيفا أن قطر سجلت مطالب حماس وتنتظر من أميركا تقديم شروط إسرائيل قبل بدء وساطة، والسؤال هنا هو: إذا كانت قطر تستطيع إملاء شروطها على حماس، فهل تستطيع أيضا فرض شروطها على مصر والمصريين؟ أم أن قطر تريد إدخال الإخوان المسلمين إلى مصر من خلال معبر رفح بعد أن تم إخراجهم من الأبواب السياسية في مصر؟ أم أن القصة كلها هي البحث عن نفوذ في المنطقة؟
الأولى، ومن باب المصلحة العامة والإنسانية، هو قبول حماس بالمبادرة المصرية، وحقن الدماء، وليس إغراق مصر بالأزمات والإساءة إليها، وكما كان يتم في عهد مبارك، وهدر الدماء الفلسطينية في غزة فقط بحثا عن دور، أو وساطة.. اتقوا الله بدماء الأبرياء.