مصر الأرقام والأوهام

مصر.. الأرقام والأوهام

مصر.. الأرقام والأوهام

 عمان اليوم -

مصر الأرقام والأوهام

طارق الحميد

 لو توقف مرشح الرئاسة المصري حمدين صباحي عند عبارة: «أتت اللحظة التي أقول فيها لشعبنا العظيم إنني أحترم اختياره، وأقر بخسارتي في هذه الانتخابات»، لدخل تاريخ بلاده السياسي من أوسع أبوابه، وأحرج الرئيس المقبل، ومن يأتي بعده.
إلا أن صباحي، الذي خاض بكل شجاعة الانتخابات الرئاسية أمام المشير عبد الفتاح السيسي، صاحب الشعبية الجارفة والواضحة، أفسد إقراره غير المسبوق في منطقتنا بالخسارة في الانتخابات، حين قال إنه لا يستطيع أن يعطي «أي مصداقية أو تصديق للأرقام عن نسبة المشاركة»، مضيفا أن الأرقام المعلنة «إهانة لذكاء المصريين». ونقول إن السيد صباحي أفسد اعترافه بالخسارة، لأنه ناقض نفسه حين قال إن السلطات لم تكن محايدة، وإن العاملين في حملته تعرضوا لانتهاكات، إلا أنه أقر قائلا، وهذا اللافت: «لا نعتقد أن هذه الانتهاكات أثرت تأثيرا جسيما على النتيجة»! مما يناقض حديثه عن «إهانة ذكاء المصريين»، ويظهر ما يمكن وصفه بإشكالية الأرقام والأوهام في مصر، التي وقع فيه كثر بقصد أو دون قصد.
الحقائق تقول إن الخاسر في الانتخابات الأخيرة ليس صباحي وحده، بل كل من فوّت فرصة الثلاثة أعوام الماضية في مصر متحدثا بشكل عاطفي فقط، ودون تأسيس حزب سياسي حقيقي، أو إظهار قيادات، وهو ما ينطبق على معظم دول ما عرف بالربيع العربي. في مصر، مثلا، لم يقدم الإخوان المسلمون على مراجعة، وتصحيح لمواقفهم، ولم يستطع الشباب، أو غيرهم، تنظيم أنفسهم، أو إخراج قيادة موحدة، وبالتالي، ووسط كل هذه الفوضى والانفلات والتردي الاقتصادي، فمن الطبيعي أن تخرج النتائج بهذا الشكل الكاسح، لأن القيادة الوحيدة المنظمة والواضحة بمصر الآن هي قيادة المشير عبد الفتاح السيسي، وعليه، فمن الطبيعي أن تصطف الشرائح المصرية العريضة خلفه، وطبيعي أن تكون النتائج بهذا الشكل، خصوصا أن مراقبي الاتحاد الأوروبي وغيرهم شهدوا بنزاهة الانتخابات، التي جاءت وسط مزاج عام مصري يؤثر الآن عودة الأمن والاستقرار.
وبالطبع فإن فخ الأرقام والأوهام هذا لم يكن سببه صباحي، بل قد يكون أحد ضحاياه؛ فأبرز أسباب هذا الفخ هو جل الإعلام المصري، وبعض من الإعلام العربي، وذلك حين وقعوا فريسة سهلة للمؤامرة الإخوانية التي روجت قصة انخفاض الإقبال بالانتخابات الرئاسية، حيث ردد الإعلام ذلك دون تثبت، ولم يكلف الإعلام نفسه عناء مقارنة عدد اللجان الانتخابية المصرية الأخيرة بالانتخابات الماضية، مثلا! كما لم يقدم الإعلام مقارنات بين أرقام كل الانتخابات المصرية منذ تنحي مبارك وحتى الآن، وإنما كانت التغطية الإعلامية انطباعية، وعاطفية!
وعليه، فإن ما حدث بمصر طبيعي، وسببه هو عدم تنظيم المعارضة لصفوفها طوال ثلاثة أعوام، وعدم ظهور قيادات حقيقية، فهل يتعلم الشباب، وغيرهم، هذا الدرس، خصوصا أن أمامهم استحقاقات انتخابية مقبلة تتطلب كثيرا من الواقعية، والعقلانية، والعمل الشاق؟! هذا ما يجب مناقشته الآن، وليس الأوهام.

 

omantoday

GMT 13:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 13:34 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 13:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 13:31 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

GMT 13:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الاسم والنجم في دمشق

GMT 13:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

التغيير وعواقبه

GMT 13:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر الأرقام والأوهام مصر الأرقام والأوهام



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:33 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
 عمان اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab