طارق الحميد
بعيدا عن اهتمام الإعلام العربي، والغربي، زار أمين عام جمعية الوفاق البحرينية الشيعية، علي سلمان، موسكو، في الوقت الذي كانت البحرين تستعد فيه للحوار الوطني، ومن يستمع لمبررات الزيارة وفق تصريحات زعيم الوفاق سيعي حجم الأزمة التي تمر بها منطقتنا!
فبحسب ما قاله سلمان في مقابلة مع «صوت روسيا من موسكو» فإن الهدف من زيارة وفد المعارضة إلى موسكو هو «الرغبة في إعطاء وجهة نظر المعارضة، وتقديم الصورة من وجهة نظرها إلى الخارجية الروسية»، معربا عن أمله بأن تتفهم الحكومة الروسية «مطالب شعب البحرين وتقف على حقيقتها، وتساهم كما تفعل الكثير من الدول في المجتمع الدولي بمطالبة النظام البحريني بالحوار الحقيقي للوصول إلى حل»، أي أن علي سلمان يريد من الروس أن يستمعوا لما وصفه بـ«مطالب الشعب». والسؤال هنا لسلمان، وغيره من المعارضة البحرينية الشيعية: وهل رأيتم الحكومة الروسية استجابت للمطالب الشعبية في سوريا على مدى عامين، خصوصا أن عدد القتلى قد فاق السبعين ألفا، وما زالت موسكو تزود نظام الأسد بالسلاح؟
بالطبع لا نتوقع إجابة منطقية، أو منصفة، بل من المشكوك فيه أن تكون المعارضة البحرينية الشيعية ترى أساسا أي عدل، أو منطقية، في مطالب السوريين بإسقاط الأسد، فما تريد المعارضة الشيعية البحرينية فعله هو الاستفادة من الموقف الروسي المناصر للأسد، ومنطق المعارضة البحرينية هو أنه طالما أن موسكو تقف مع الأسد قاتل شعبه وذلك خشية استبداله بنظام سني في سوريا - كما قالت روسيا من قبل - فإن المنطق يقول أن تلجأ المعارضة الشيعية إلى الروس، وليس لإيران، من أجل أن يقفوا معهم، وبذلك تبعد المعارضة البحرينية شبهة الطائفية عنها. وهذا وذاك واضح، وفاضح، من قبل المعارضة الشيعية البحرينية التي تتهم السلطات البحرينية بأنها لعبت بذكاء لعبة الطائفية!
الواضح اليوم أن نجاح الروس بتثبيت الأسد، ولو إلى حين، قد أغرى المعارضة البحرينية الشيعية للاستفادة من الأوراق المبعثرة، واللجوء إلى روسيا، وهو نفس التكتيك الذي لجأت إليه إيران مؤخرا حين طالب نائب وزير خارجيتها إدراج مناقشة الوضع في سوريا والبحرين ضمن المفاوضات بين طهران والقوى الدولية في كازاخستان، أي أنها لعبة نفوذ بأوراق طائفية، ففي البحرين تريد إيران حماية الشيعة، وفي سوريا حماية الأسد، ورغم ذلك نجد أن المعارضة البحرينية تسلم رقبتها طواعية للروس لتكون ورقة من ضمن أوراق اللعب الروسية في منطقتنا.
يحدث ذلك بسبب فشل الدبلوماسية العربية، والغربية، بلجم الموقف الروسي في سوريا، حيث كان هناك، ولا يزال، الكثير مما يمكن فعله للجوء إلى مجلس الأمن، أو اللجوء إلى آخر العلاج، وهو تسليح الثوار السوريين والذي من شأنه التعجيل برحيل الأسد، ودفع موسكو لإدراك أن الوقت قد نفد، أما التراخي مع الموقف الروسي في سوريا، فمن شأنه أن يقود آخرين لزيارة موسكو وتسليمها رقابهم كما فعلت الوفاق البحرينية، وهو أمر لا يمكن وصفه إلا بالنفاق والجريمة الأخلاقية.