بقلم : طارق الحميد
العنوان أعلاه ليس إثارة، وإنَّما للترحيب بالإدارة الأميركية بعد الهبوط من ارتفاع الانتخابات إلى أرض الواقع السياسي، واقع منطقة الشرق الأوسط. فمنطقتنا لا يصلها ريش أجنحة الحملات الانتخابية كونها منطقة مسيرات وصواريخ باليستية.
منطقتنا هي منطقة السياسة الخشنة، والعنيفة، منطقة قطَّاع الطرق، وتجَّار الأديان، والدم وكل ذلك برعاية إيران، ومن يشاركونها أجندة الخراب، وتدمير هيبة الدولة العربية. وعليه:
هل تريد الإدارة الأميركية وقف الأزمة اليمنية؟
أهلاً وسهلاً بها، فكل العقلاء في المنطقة يريدون وقفها، من القيادة السعودية، إلى الشعبين السعودي واليمني، وكل عقلاء الخليج، والتحالف العربي، لكنْ كيف؟ هل لدى واشنطن حلٌّ سحريٌّ؟ إذا كان ذلك فأهلاً وسهلاً.
إلَّا أنَّ واقع الحال يستدعي هنا أسئلة عدة، أولها: ما معنى وقف دعم الحرب، وعمليات التحالف في اليمن أصلاً دفاعية، وليست هجومية ومنذ قرابة العام ونصف العام؟ وأولم تبادر إدارة أوباما بوقف التعامل حيال اليمن من قبل، فهل ردع ذلك الحوثيين، أو الإيرانيين، أو حفَّزهم للتهدئة، وهم الأصل في هذه الأزمة؟
أوليست عملية التحالف في اليمن هي تحت قرار أممي؟ وكيف لواشنطن أن ترفع الحوثيين من قوائم الإرهاب، مما يعني الاعتراف بهم، وبالتالي الاعتراف بالانقلاب الحوثي في الوقت الذي ترفض فيه واشنطن الانقلاب في ميانمار؟
وكيف تقول واشنطن إنَّها تنوي التفاوض مع إيران على الملف النووي بشكل موسع، ومنه إدراج الدور الإيراني بالمنطقة، ثم تعلن واشنطن نيتها رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب، فهل في اليمن إيرانيون أصلاً؟
وكيف يمكن الوثوق بوعود وقف التوسع الإيراني مع التساهل الأميركي مع الحوثيين؟ هل الحجة البعد الإنساني؟ حسناً، متى أقدم الحوثيون على خطوة واحدة تنمُّ عن إنسانية أو تحضر؟
كيف تعلن واشنطن موقفاً من اليمن وسط صواريخ إيرانية ومسيرات ترسل باسم الحوثيين، ثم تدعو واشنطن الحوثيين إلى عدم استهداف المدن السعودية، والمنطقة، وتحذر، أي واشنطن، من زعزعة استقرار المنطقة؟
هل تملك واشنطن خطة، أم أنها لا تزال تسير وفق ارتفاع الوعود الانتخابية؟ لذلك نقول أهلاً بالإدارة الأميركية الجديدة في أرض الواقع، فإذا كان لديها خطة، فإنَّ حلَّ أزمة اليمن هو المطلوب، وإذا لم يكن لديها خطة، فإنَّ واشنطن ستتعلم واقعياً أنَّ الشعارات الانتخابية يمكن أن تشحن حملة، لكن لا يمكن أن تشحن بطارية «ماطور» كهربائي لتضيء مستشفى في اليمن.
اليمن، وأهلها دولة، يستحقان الاستقرار والعيش الكريم، لكن الحوثيين ما هم إلا جماعة إرهابية متخلفة، ولا أصالة لهم حتى في العمل الإجرامي، فهم مزيج مشوش، ومضطرب لـ«حزب الله»، و«داعش»، و«طالبان»، و«القاعدة». هم تنظيم خارج سياق التاريخ والجغرافيا.
وعليه أهلاً بالأميركيين في أرض الواقع، أرض منطقتنا التي نحاول، كسعوديين، أن نجعلها أرض الأحلام، نخطئ، لكن خطأنا غير مكرر، مثل إيران وعصاباتها، حيث تحاول السعودية فعل كل ما فيه خير المنطقة وشعوبها. نحن المستقبل، وإيران وعصاباتها، مزيج مشوه من الماضي، وعصر الغاب.