بقلم : طارق الحميد
نعم كشعار «داعش» المعنون أعلاه، فإن نهج الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لاحتواء إيران على خلفية الاتفاق النووي لا يزال «باقياً ويتمدد»، ونراه في كل تصريح، وتحركات سياسية من حولنا. ونعم نحن في الفترة الرئاسية الثالثة لأوباما.
مبالغة؟ أبداً! فعندما تصف الإدارة الأميركية الحالية الميليشيا الإيرانية الإرهابية بأنها «ميلشيا شيعية مدعومة» من دون ذكر تبعيتها لإيران فإننا أمام تضليل، وللدقة فإننا أمام منهج أوباما، فهل الميليشيا الشيعية هذه مدعومة سعودياً أو إماراتياً أو من سويسرا؟! ما هذا العبث؟!
عندما تصف واشنطن الميليشيا الشيعية الإيرانية بـ«ميليشيا شيعية مدعومة» فهذا مثل وصف أوباما للأزمة السورية بـ«الحرب الأهلية»، وقبل حمل السوريين السلاح، وذلك لرفع الحرج عن إدارته وقتها، وتجنب اتخاذ موقف من شأنه إغضاب إيران التي سعى أوباما لاتفاق نووي معها.
ما لا يدركه أصحاب منهج «باقية وتتمدد» أن المنطقة تجاوزت حتى الحرب بالنيابة، أي «بروكسي وور»، فمن يشكو من إرهاب إيران الآن وتغولها هم شيعة المنطقة في لبنان والعراق وليس السنة وحدهم.
وما لا يدركه منظّرو هذا المنهج العبثي أنه تستطيع أن تخطط للخروج من الشرق الأوسط لكنه لن يدعك هكذا. مثلاً، الأزمة السورية وحدها تسببت في أزمة لأوروبا على خلفية اللاجئين، والتي استخدمها الرئيس التركي إردوغان ورقة ضغط على أوروبا.
حسناً، أجريتَ اتفاقا مع إيران وتريد أن تتفرغ للصين، فمَن حليف بكين الأساس بعدها في المنطقة؟ بالتأكيد إيران، ومَن لفَّ لفيفها. هل نسيت الفيتو الصيني؟ هل قيم الصين مثل قيمك، أو أن قيم إيران مثل قيمك الغربية؟ هل ستتغير طهران؟ وهْم! أسئلة جادة برسم باحثين سذج، ولا أقولها تقليلاً، وإنما للوصف الدقيق.
فشل نهج أوباما أمام تحديات حقيقية أهمها الربيع العربي المزيف، حيث انتفضت الدول العربية لنبذ الإسلام السياسي كالسعودية ومصر والإمارات، وضد الإسلام السياسي السني، فكيف ستقبل بالإسلام السياسي الشيعي؟
كيف يُعقل أن يطالب البعض السعودية بالتعامل مع الحوثيين، ويطالبون مصر بالتعامل مع الإخوان المسلمين، بينما لا يطالب أحد إسرائيل، بل لا يجرؤ، بالتعامل مع «حماس» أو «حزب الله»؟ حسناً، ضغطتَ على السعودية ومصر، فهل تستطيع الضغط على إسرائيل للتعامل مع إيران النووية والإرهابية؟
لا يمكن، فالمنطقة تتغير وإسرائيل الآن أكثر «عقلانية» من واشنطن، والقاعدة السياسية الذهبية تقول «عدو عدوي صديقي»، وهذا ما على العرب تذكّره. فأيُّ جنون وسذاجة ذلك الذي يطرحه بعض من يصفون أنفسهم بالباحثين في واشنطن؟
ربما جهلت إدارة ترمب إتيكيت الأكل بالشوكة والسكين، لكنّ إدارة بايدن لا تعرف إتيكيت الجلوس على مأدبة غداء الشرق الأوسط، مائدة «تغدى بعدوك قبل أن يتعشى بك». وعليه فمن الواضح أن إدارة بايدن امتداد لإدارة أوباما الـ«باقي ويتمدد»، وستصطدم بطريق مسدود. وبالنسبة لمنطقتنا، وكما كتبت هنا في عام 2013، تحت عنوان «تصرَّف وكأن أميركا غير موجودة»، فإن عليها أن تتصرف مجدداً كأن أميركا غير موجودة.
صحيح ستكون أياماً صعبة، لكن ستمضي، ودولنا هي دولنا ومنطقتنا هي منطقتنا، وسيفوز الأقل أخطاء والأكثر حكمة.