طارق الحميد
ما فتئت واشنطن تردد على لسان مسؤوليها أن الحل العسكري في سوريا غير وارد، فهل «جنيف 2» هو الحل إذن؟ من الصعب تصديق ذلك طالما أن المؤتمر الدولي لن يفضي لانتقال للسلطة ينتج عنه رحيل بشار الأسد، مع بقاء ما تبقى من مؤسسات الدولة، وليس بقاء النظام كما يقول الروس!
وهذا الجدل، أي «جنيف 2» والحل العسكري، ليس بالجديد، وبالتالي لا يمكن الحكم على موافقة الأسد بالمشاركة في جنيف نظرا لأنه منتصر أو لا، فمنذ اندلاع الثورة، وتدخل الجامعة العربية فيها، من إرسال المراقبين إلى تقديم المبادرات، وحتى بعد تدخل الأمم المتحدة وتعيين كل من كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي، كان الجدل نفسه، وهو هل الأوضاع على الأرض تساعد الأسد أم لا؟ وهل هو منتصر أو لا؟ حتى في اللحظات التي كان نظامه يتهاوى فيها بشكل مذهل وإلى أن تدخلت ميليشيات حزب الله، والميليشيات الشيعية العراقية، والقوات الإيرانية، ونفس الجدل مستمر، وهو أن الحل السياسي هو الأنجع، وأن لا حل عسكريا!
إلا أن الحقائق كلها تقول إن سبب فشل الحل السياسي والعسكري هو التخاذل الدولي، وتحديدا تخاذل إدارة أوباما، التي لا تمتلك رؤية سياسية من الأصل، ولا تمتلك جدية تجعلها تتحرك عسكريا، وحتى من دون تدخل تقليدي، فما يساعد الأسد على البقاء للآن، والقيام بمناورات، هو انعدام الرؤية السياسية الأميركية، وغياب الدعم العسكري الحقيقي للمعارضة، وتحديدا الجيش الحر، بل إننا نسمع، بعد كل منعطف كبير في الأزمة السورية، المسؤولين الأميركيين وهم يقولون إن فرص التدخل في سوريا قد ضاعت، وأصبح الحل العسكري صعبا، وهي عبارة تتكرر مع كل حدث سوري، ومنذ بدء الثورة وحتى بعد استخدام الأسد للكيماوي!
والمذهل أنه وسط كل هذا الجدل العقيم حول «جنيف 2» وعدم جدوى الحل العسكري نجد أن إيران وحزب الله يواصلون القتال داخل سوريا دفاعا عن الأسد، ويحاولون بكل ما لديهم من قوة وعتاد استعادة ما فقده من مناطق، والسعي لتثبيت نظام الأسد المتداعي عسكريا وسياسيا، ويفعلون ذلك على مدار الساعة، بينما الغرب، وتحديدا أميركا، مشغول بإقناع الجميع بمؤتمر «جنيف 2»، والقول بأن الحل العسكري غير مجدٍ، ودون التوقف أمام ما تفعله إيران ومعها حزب الله في سوريا، وهو ما يقول لنا إن «جنيف 2» غير عملي، وأن الحل العسكري غير عملي أيضا بالنسبة للمعارضة السورية، وليس الأسد، طالما أن الغرب يتخاذل في دعم المعارضة في الوقت الذي لا يتوقف فيه الإيرانيون وحزب الله عن دعم الأسد عسكريا، مما يجعل «جنيف 2» مجرد لعبة جديدة يتسلى فيها الأسد الصامد للآن بفعل دعم إيران وحزب الله العسكري له.
ملخص القول أن إيران تدعم الأسد بالرجال والعتاد بينما الغرب يخذل المعارضة، ثم يقال إنه لا حل عسكريا في سوريا، فإذا لم يكن هذا هو العبث فماذا عساه أن يكون؟!