طارق الحميد
إذا كان هناك من قراءة أولية للغارة الجوية الإسرائيلية على منطقة البقاع على الحدود السورية - اللبنانية التي استهدفت مواقع لحزب الله أخيرا، فهي أن حسن نصر الله اليوم أضعف من بشار الأسد! فمنذ تورط حزب الله في سوريا وهو يتلقى الصفعات الواحدة تلو الأخرى من قبل إسرائيل التي تقوم باستهداف مواقع الحزب، وبعض أسلحته، في سوريا وعلى حدودها مع لبنان، وكما حدث في الغارة الإسرائيلية الأخيرة، ورغم كل ذلك فإنه ليس لدى حسن نصر الله إلا الخطب الإعلامية! وهنا قد يقول قائل: إن حزب الله لا يريد فتح جبهة مع إسرائيل من شأنها تعقيد المشهد في سوريا؟ والحقيقة أن القصة ليست كذلك، وإن كان من غير المستبعد أن يفعلها الحزب ويفتح جبهة مع إسرائيل في مرحلة مقبلة في حال تعذر إنقاذ الأسد الآن، لكن القصة اليوم أكبر من حماية الأسد نفسه، بل إن حزب الله نفسه الآن بات محاصرا بعمليات كثيرة مثل التفجيرات الأخيرة التي وقعت بحقه في لبنان، وثبت أنها قادرة على اختراق تحصيناته، وفي عقر دار الحزب، أي الضاحية الجنوبية، التي يتهم فيها حسن نصر الله الإسرائيليين و«التكفيريين»، لكن دون ردود فعل عملية تذكر!
ومن يتأمل العمليات الأخيرة ضد حزب الله، سواء النوعية منها، أو الغارات الجوية، سيجد أنها جميعا تصب في خانة تعقيد أمور الحزب في وسط قواعده الشعبية المنقسمة أصلا لعدة أقسام، حيث هناك من هم غير راضين عن تورط الحزب في سوريا لإدراكهم خطر ذلك عليهم لاحقا، عاجلا أو آجلا. وهناك قسم يرى أن نصر الله، وبسبب تورطه في سوريا، قد أضعف موقف الحزب أصلا في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وهؤلاء من متطرفي الحزب الذين يرون أيضا أن الغارات الإسرائيلية المتكررة هي بمثابة إهانة للحزب، وتظهره بمظهر الضعف. وعليه، فوسط كل هذه الأحداث، سواء العمليات التي تتم بحق حزب الله، والقلق الذي يطال مناصريه، أو اكتفاء حسن نصر الله بالخطب، يتضح أن زعيم حزب الله في ورطة حقيقية، حيث إنه غير قادر على فعل شيء أمام الغارات الإسرائيلية المتكررة، واستهداف مواقع ميليشياته، ولا هو، أي نصر الله، قادر على فعل شيء حيال العمليات التي تستهدف حزبه بالداخل اللبناني، هذا فضلا عن استهداف المواقع الإيرانية هناك، وفوق كل هذا وذاك ورطة نصر الله أمام الرأي العام العربي الواعي، والمقتنع، بأن سلاح حزب الله ما هو إلا سلاح طائفي، حيث يقتل السوريين دفاعا عن الأسد، وأن هذا السلاح هو أصلا مسخر لخدمة إيران الساعية للتفاوض مع الغرب الآن، مما يتطلب صمت حزب الله على كل صفعة يتلقاها كما هو حادث الآن، لأن نصر الله وسلاحه ليس للمقاومة، أو الدفاع عن لبنان، بل هو لخدمة إيران، ولذا فإن نصر الله اليوم أضعف من الأسد الذي يدافع عنه في الشام.