طارق الحميد
تساءلنا من قبل هل أحمد معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الوطني السوري، داهية أم مغامر، والأحداث اليوم تقول: إنه كان داهية حيث أوقع نظام الأسد في فخ الحوار الذي رفضه، وعاد اليوم النظام الأسدي، وعلى لسان وليد المعلم، يستجدي الحوار حتى مع المعارضة المسلحة، ومن موسكو.
فما الذي تغير ليهرول الأسد الآن مستجديا الحوار مع المعارضة؟ الواضح أن أمورا كثيرة قد طرأت، وأهمها تقدم الجيش الحر على الأرض، وبالطبع ثباته، كما أن المؤشرات الأخيرة الثابتة عن التدخل الإيراني الصارخ في سوريا، ومعها حزب الله، وكذلك تخوف المجتمع الدولي من انتشار الإرهابيين في سوريا بسبب جرائم الأسد، والتدخل الإيراني، دفعت إلى حراك دولي ملحوظ على أمل فعل شيء ما، ويبدو أن أهم خطوة تمت، أو تتم، في هذا المجال هو السماح بتدفق الأسلحة النوعية للثوار السوريين، وهو ما كشفته صحيفة الـ«واشنطن بوست»، علما بأنه لم يعلن عن الذي يقف خلف ذلك السلاح، وإن كان هذا الأمر لا يتطلب كثيرا من الذكاء، لكن الأهم هنا هو أن التسليح بات حقيقة واقعة، كما أعلن، وهذا ما ستكشفه الأحداث في الأيام القادمة.
كل ذلك شكل ما نصفه دائما باللغة التي يفهمها الأسد، وهي لغة القوة، والأفعال، وليس الأقوال، وهو ما سيتكرس أكثر في مؤتمر روما، خصوصا إذا كانت واشنطن جادة، وكما قال وزير خارجيتها جون كيري بأنه لا بد من أفعال وقرارات في روما حول سوريا وليس تصريحات. كل ذلك هو ما دفع الأسد الآن لاستجداء الحوار مع المعارضة، وحتى الشق المسلح منها، أي الجيش الحر بعد أن كان النظام يصفهم بالإرهابيين، بل إننا سمعنا لافروف يقول أمام المعلم في موسكو إن في المعارضة السورية عقلاء، بينما بالأمس كانت الثورة ككل توصف على أنها حركة إرهابية سواء من قبل موسكو أو الأسد!
هذه التحولات ليست نتيجة إحساس بالذنب، بالنسبة للأسد، أو إحساس بالمسؤولية بالنسبة للروس، بل هي نتيجة ما يحدث على الأرض، وكذلك الحراك الدولي تجاه سوريا، فالروس يعون أن إدارة أوباما الجديدة في حالة اكتمال الآن، وهناك استحقاقات بين واشنطن وموسكو لا يمكن أن يضحي بها الروس من أجل الأسد، خصوصا أن نظامه يتداعى، هذا عدا عن الإحراج الذي تعرضت له موسكو بعد دعوة الخطيب للحوار مع الأسد الذي تلاعب بالدعوة كالعادة، وجاء الآن ليستجدي الحوار، بعد فوات الأوان.
ولذا، فإن المهم والأهم في سوريا اليوم هو الاستمرار بتسليح الجيش الحر، والشروع في وضع ملامح سوريا ما بعد الأسد، وهي مهمة المعارضة السورية نفسها وليس فقط المجتمع الدولي الذي يجب أيضا أن لا يضيع مزيدا من الوقت والجهود في الحوار المزعوم إلا إذا كان ذلك مقرونا بإعلان رحيل بشار الأسد. أما عدا عن ذلك، فإنه مضيعة وقت، ومحاولة لإعطاء الأسد فرصة لا يستحقها، إذ يكفي معاناة عامين من إرهاب النظام الأسدي في سوريا التي تتعرض ككل للانهيار اليوم.