طارق الحميد
ملخص ما يدور حولنا اليوم في الأزمة السورية، أن شخصا واحدا في سوريا هو غير القادر على فهم ما يجري حوله، وهو بشار الأسد، حيث يعتقد أنه ما زالت له فرصة للنجاح والبقاء، بينما الجميع، داخل سوريا وخارجها، بات متيقنا من أنه انتهى، وكل ما يحدث الآن هو إجراءات الدفن، لا أكثر ولا أقل.
فرغم كل ما يفعله الأخضر الإبراهيمي، وما يقوله، فإن الواضح أن المبعوث الدولي، والأطراف الأخرى، بمن فيهم الروس، باتوا مقتنعين بأن ليس هناك أمل، وما يقومون به الآن هو مجرد شكليات للمضي بالمرحلة التالية، وهي مرحلة ما بعد الأسد. وهذا ما فعله تماما السيد الإبراهيمي، ومثله الروس، عمليا، فالحديث عن حكومة انتقالية وخروج الأسد الآن، أو في 2014، كلها مجرد تفاصيل تفاوضية، لكن الأكيد هو أن الجميع يتفاوض على سوريا من دون الأسد، وبالطبع فإن لذلك عدة أسباب، أهمها وأبرزها الأوضاع على الأرض في سوريا نفسها، حيث باتت الكفة العسكرية تميل لمصلحة الثوار، فها هو وزير داخلية الأسد يعالج في بيروت، والمقداد يغادر إلى روسيا عبر لبنان، كما أن الإبراهيمي وصل دمشق برا قادما من لبنان. وهناك بالطبع الانشقاقات العسكرية الأخيرة، وتحديدا هذا الأسبوع، وأبرزها انشقاق ثلاثة ضباط برتبة لواء، أحدهم قائد الشرطة العسكرية في سوريا، واثنان من القوات الجوية!
وبعيدا عن الأوضاع العسكرية، ففي تركيا - ولأول مرة - التقى رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال قليشدار أوغلو وفدا من المعارضة السورية، وأهمية ذلك تكمن في أن رئيس حزب الشعب التركي كان شديد الانتقاد لموقف الحكومة التركية الداعم للثورة السورية، بل إن رئيس الوزراء التركي أردوغان كان يتهم زعيم المعارضة التركية بالتقارب مع طاغية دمشق! والأمر لا يقف هنا، فكما ذكرنا من قبل فإن الروس الآن هم من يبحثون عن مخرج لهم من دعم الأسد، ويبدو أنهم يقومون بذلك بكل اقتدار، والسبب أن الأسد لم يستوعب بعد أن كل شيء قد انتهى. فحسبما نقلت بالأمس وكالة الصحافة الفرنسية، فإنه من الواضح الآن أن روسيا باتت تعترف بأن نظام الأسد «قد يكون قريبا من نهايته، وهو ما يشير إلى أن الكرملين بدأ يعد لمرحلة ما بعد النظام»، حيث نقلت الوكالة عن فيودور لوكيانوف رئيس «مجلس السياسات الخارجية والدفاعية» في موسكو أن «روسيا ليست غافلة عن واقع الأمور، والدبلوماسيون الروس ليسوا أغبياء. إنهم مدركون أن الأمور تسير باتجاه واحد»، مضيفا أنه «بات معروفا للجميع ما ستؤول إليه الأمور في نهاية المطاف، ولكن من غير المعروف متى سيحدث ذلك».
لذا، فإن كل ما يحدث الآن يقول بأن الجميع بات على قناعة بأن الأسد انتهى، وكل ما يدور الآن هو لرسم مرحلة ما بعد الأسد، لكن الأسد وحده الذي لم يستوعب ذلك، مما يعني أن نهاية الطاغية ستكون قاسية جدا، وعلى الجميع. عليه، فإن الواجب، وكما قلنا مرارا، أن تكون النهاية مرسومة تماما، ولا تترك لعنصر المفاجأة؛ لأن العواقب ستكون وخيمة.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"