طارق الحميد
مشاركة المقاتلين العراقيين الشيعة في سوريا لم تعد سرا، بل إن أحد قياديي الجماعات الشيعية العراقية بسوريا يقول لصحيفة «واشنطن بوست» إنه بات من الدارج أن يقول شيعة العراق علنا: «نحن ذاهبون للقتال بسوريا»، مضيفا: «لماذا بمقدور الظواهري أن يقولها علنا، ولا نقولها نحن؟»!
وهذا أمر طبيعي طالما أن المجتمع الدولي، بقيادة أميركا، لا يزال مترددا ويمارس نفاقا صارخا في التعاطي مع الأزمة السورية التي جرها الأسد إلى المستنقع الطائفي؛ فالتقاعس الدولي هو ما دفع الأمور إلى هذا الحد، وخصوصا مع الفراغ الحاصل على الأرض في سوريا، فمقاتلو الأسد ليسوا بالمؤمنين بمعركته، ومهما قيل، ومهما حدث، فبحسب قصة صحيفة «واشنطن بوست» التي كشفت التورط الشيعي العراقي في سوريا، فإن قائد الميليشيا العراقية الشيعية الذي تحدث للصحيفة عرض للصحافي الذي أعد القصة مقطع فيديو من جواله الخاص يظهر المقاتلين العراقيين وهم يقومون بقتال الثوار السوريين، ويقول للصحافي: «انظر لجنود الأسد، إنهم لا يفعلون شيئا، فهم مذعورون»! وهذا وحده يسقط كذبة أن للأسد أتباعا يقاتلون من أجله، فلو كان له أتباع مؤمنون بمعركته لما استعان بمرتزقة إيران، وحزب الله، وشيعة العراق، ضد السوريين.
قصة «واشنطن بوست» التي كشفت تدخل الميليشيات الشيعية للعراق، لم تأتِ بجديد للمتابع العربي؛ فالتورط العراقي في سوريا معروف منذ فترة طويلة، الجديد اليوم في القصة أنها تنشر في واشنطن، وعبر إحدى أهم الصحف الأميركية تأثيرا، فهل يقرأها الرئيس أوباما ليرى كيف تعقدت الأمور بسبب تردده غير المبرر؟ اليوم يقول حزب الله علنا إنه لن يسمح بسقوط الأسد، والميليشيات العراقية تفاخر بالقتال في سوريا، بينما لا تزال الحكومة العراقية تمارس التقية التي مارسها حسن نصر الله إلى أن تعلن تورطها رسميا، لكن هل الإدارة الأميركية عاجزة، مثلا، عن قراءة دلالات إلغاء التأشيرة لـ«السياح» العراقيين الراغبين في زيارة سوريا الآن؟ فأي سياح هؤلاء الذين يزورون بلدا يوشك على الانهيار كسوريا؟ فالواضح أنهم مقاتلون طائفيون هدفهم نصرة الأسد، فما الذي تنتظره أميركا، وغيرها من المجتمع الدولي؟! أمر محير فعلا.
الإدارة الأميركية أضاعت قرابة العام بالحديث عن «جبهة النصرة»، وتنظيم القاعدة، واليوم تفاخر «قاعدة» الشيعة، من حزب الله، والميليشيات العراقية الشيعية، بفعل الأمر نفسه الذي تفعله «القاعدة» السنية بسوريا، برعاية إيرانية، وإدارة الرئيس أوباما لا تزال تلتزم صمت الأفعال، وليس صمت الأقوال، حيث لم نرَ تحركا يستهدف الجماعات الشيعية تلك، ولا دعما حقيقيا بالسلاح للثوار السوريين للدفاع عن بلادهم المستباحة من قبل مرتزقة إيران، فهل تعتقد إدارة أوباما أن ما يحدث الآن سيقف عند هذا الحد؟ إذا كان كذلك فهذا هو العبث بعينه، فالمنطقة تغلي طائفيا، وكل ما يحدث في سوريا الآن يبعث روحا جديدة في الأصولية والتطرف، بشكل غير مسبوق، فما الذي ينتظره أوباما للتحرك؟!
نقلا عن جريدة الشرق الاوسط