طارق الحميد
المشهد السياسي المصري أشبه بكرة ثلج متحدرة من أعلى، وويل لمن يقف بوجهها، هذا ما يحدث اليوم بسبب إعلان الرئيس المصري قطع علاقات بلاده مع نظام الأسد، والدعوة لفرض حظر طيران فوق الأراضي السورية، حيث انطلق معارضو مرسي والإخوان للقول إن الرئيس بات خاضعا للأميركيين والإسرائيليين، مع انتقاد الثورة السورية!
وهذا الانتقاد للثورة السورية ما هو إلا ظلم وإجحاف ليس بحق الرئيس المصري والإخوان، بل بحق ثلاثة وتسعين ألف قتيل سوري سقطوا بنيران الأسد. وبالطبع فمن حق المعارضين للرئيس مرسي والإخوان أن ينتقدوهما كيفما شاءوا، وهناك عدة نقاط تستدعي النقد والتساؤل: فلماذا قطع العلاقات مع الأسد الآن وليس منذ فترة، كما فعلت دول الخليج التي سحبت سفراءها من دمشق، وطردت سفراء الأسد؟ ولماذا الآن ونظام الأسد كان يمتدح الرئيس مرسي، ويمتدح تقاربه مع إيران؟ ولماذا يهاجم الرئيس مرسي حزب الله الآن وليس منذ إعلان نصر الله صراحة مقاتلته السوريين دفاعا عن الأسد؟ ولماذا استقبل نجاد استقبال الفاتحين بمصر رغم دعم إيران للأسد، واعتراضات الرأي العام صراحة على تلك الزيارة، هذا فضلا عن معارضة الأزهر الشرسة للزيارة؟ ولماذا زار الرئيس المصري روسيا رغم دعمها وحمايتها للأسد؟ ولماذا سمحت مصر بعقد المؤتمر الذي دعا للنفير والجهاد بسوريا على أراضيها وله ما له من أضرار سلبية على الثورة السورية، وفي الوقت الذي تحركت فيه عجلة العمل السياسي، عربيا ودوليا، بسرعة مهولة لإقناع الأميركيين لتغيير موقفهم من الأزمة السورية، خصوصا بعد أن جاب ملك الأردن واشنطن بخرائط تشرح للإدارة الأميركية والكونغرس واقع الأمور في سوريا، ورأينا كيف قطع العاهل السعودي إجازته وعاد للسعودية بسبب تطورات الأوضاع بالمنطقة، وبعد أن أوفد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كلا من الأمير سعود الفيصل والأمير بندر بن سلطان إلى فرنسا، وتحرك الفرنسيين والبريطانيين نحو أميركا؟ فلماذا ظهر فجأة مؤتمر النفير والجهاد بمصر؟ ولماذا تم قطع العلاقات مع الأسد الآن، والمطالبة بفرض حظر طيران؟
من حق المصريين أن يتساءلوا عن التوقيت والدوافع، ومن حقهم الاعتراض على الرئيس والإخوان، والقول إن قطع العلاقات مع الأسد، وقبله مؤتمر النفير والجهاد، ما هو إلا محاولة إخوانية للهروب من استحقاقات 30 يونيو (حزيران) الذي دعت له المعارضة المصرية للتظاهر ضد النظام، من حق المصريين قول كل ذلك، لكن لا يجب طعن الثورة السورية، وخدمة أجندة الأسد الذي استخدم الأسلحة الكيماوية ضد السوريين، وقتل منهم ثلاثة وتسعين ألفا، فهذا أمر لا يمكن قبوله، والمؤسف أن بعض القوميين العرب بمصر، وآخرين، يحاولون إيجاد الأعذار ليس للأسد، وإنما لخيبات مراهناتهم الفاشلة على الممانعة المزعومة، والمقاومة الكاذبة!
ولذا، فإن من حق المصريين انتقاد رئيسهم والإخوان المسلمين كيفما شاءوا، لكن غير المقبول هو طعن الثورة السورية، ومحاولة تشويهها، فيكفي السوريين ما وقع ويقع بحقهم من ظلم وجرائم من قبل الأسد وإيران ومرتزقتها.
نقلا عن جريدة الشرق الاوسط