عيون وآذان الآتي أعظم

عيون وآذان (الآتي أعظم)

عيون وآذان (الآتي أعظم)

 عمان اليوم -

عيون وآذان الآتي أعظم

جهاد الخازن

منذ أشهر وأنا أسأل كل من أقابل من رؤساء دول أو حكومة أو أمراء أو وزراء أو مفكرين سؤالاً يبعث القلق في نفسي هو: منذ كنتَ طالباً في المدرسة الثانوية هل مر عليك وضع عربي أسوأ من هذا الوضع؟ لم يردَّ أحد على الإطلاق بالحديث عن وضع أسوأ، وإنما اتفق الجميع معي على أننا نمر بظروف حالكة عصيبة لم تعرف منطقتنا مثلها على مدى الأجيال الثلاثة الأخيرة التي عاصرتُها وأعتبر أنني حَسَنُ الاطلاع عليها. وبقيتُ عقوداً أعتقد أن 1967 وحواشيها وهوامشها أسوأ وضع عربي ممكن، أو الأسوأ منذ الفتوحات الأولى، وعشتُ لأرى وضعاً أسوأ بإجماع الآراء. الله يرحم أبا فاروق، كان خبير تلكس يُرسل الرسائل ويتلقاها بين بيروت وعمّان، وأحياناً عواصم عربية أخرى. وكنتُ أستفزُّه بالقول: أنتم ضيَّعتم فلسطين وتريدون مني أن أحررها أو أموت. وجاءت حرب 1967 وخسرنا البقية وسيناء والجولان، وجاءني أبو فاروق وعيناه تدمعان وقال: عمي نحن ضيّعنا نصف فلسطين. أنتم ضيَّعتم البقية، ولم أملك جواباً وإنما بكيتُ على القدس ولا أزال أبكي. الله يرحم خضر نصار فقد كنا معاً وعملنا «رئيس نوبة» في الوكالة العالمية «رويترز» ونتبادل مع آخرين ثلاث نوبات في الصباح، وبعد الظهر، وفي الليل. أعتقد أن السنة كانت 1967، وقد استقلّت عدن، أو جنوب اليمن عن بريطانيا. وكانت الوكالة مهّدت لذلك بإرسال فريق عمل إلى جنوب غرب السعودية، والصحافيون تنقّلوا بين جيزان ونجران، وفوجئوا يوماً بطائرات مقاتلة مصرية تعمل من اليمن الشمالي تهاجم مطاراً محلياً. وهرب الصحافيون من مبنى المطار المصنوع من التنك والخشب، وحاولوا الاختباء بين شجيرات شوكية أو وراء كثبان. وانتهت المعركة وقد أصابت الطائرات المقاتلة كل هدف باستثناء مدرج المطار المستهدف بالغارة. وحكى لي الزميل من «رويترز» القصة وكتب عنها تقارير نشرتها «رويترز»، وقال لي «ربنا يستر». في بيروت قال لي خضر نصّار انه قلق لا يستطيع النوم بعد ان أغلقت مصر مضائق تيران وأعطت إسرائيل عذراً لمهاجمتها، وجيشها في اليمن، ودُمِّرت الطائرات المصرية على الأرض. وجاء صباح 5/6/1967 وأنا رئيس نوبة العمل، وطالب في الجامعة، ويساعدني الصديق حنا عنبر، مدير تحرير «الديلي ستار» الآن. وأخذ رؤساء النوبة الآخرون يتوافدون على المكتب للمساعدة، فالنوبة التي تستمر عادة ست ساعات طالت الى خمسة أيام. ووصل خضر نصّار وهو يصرخ ويشتم، وأمسكني وهزّني من كتفَيَّ وهو يردد: مش قلتلو؟ مش قلتلك؟ ثم يبكي. هو قال لي إلا أنه لم يقل لجمال عبدالناصر. الله يرحم عماد شحادة فقد درسنا معاً في الجامعة الأميركية في بيروت، وعملنا معاً في «الديلي ستار» في بيروت، وأيضاً في واشنطن. كنتُ محرراً غير متفرّغ في الجريدة قبل أن أصبح رئيس تحريرها، وبقي عماد شحادة مراسلاً من أرقى نوع وكاتب تحليلات ورسام كاريكاتور. وهو جاء في يوم وقال ان «الحياة» و «الديلي ستار» والإعلام اللبناني كله يروّج لخبر غير صحيح. قال انه درس الوضع اليمني مع أهل اليمن، وقابل قادة المحاربين ضد الاستعمار البريطاني، ونحن نركز على جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل (Flosy) في حين أنها موجودة فقط في «صوت العرب»، وأن المناضلين على الأرض هم من جبهة التحرير الوطني (NFL). وانسحبت بريطانيا من الجنوب وخَلَفتها جبهة التحرير الوطني بكوادرها العسكرية والسياسية، وبقيت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل تحتل حيزاً من «صوت العرب». وجاءني عماد شحادة في مكتبي وقال: مش قلتلك؟ صدقتني الآن؟ ربما أَطْلَقَ الذكريات مروري أمام مبنى «الأونيون» قرب حديقة الصنائع حيث كانت مكاتب «رويترز». ونظرت الى يوم اعتقدناه أسوأ يوم وعشنا لنترحّم عليه، فقد كنا نقول لا، واليوم إذا قلنا آه، فهي آه الألم. نحن اليوم نعيش في زمن الثورات العربية التي أرفض أن أسميها ربيعاً، نعيش في حالة إنكار. فالذين وصلوا الى الحكم يقولون ان الدنيا ربيع و «الأشيا معدن»، والذين خارجه يقولون ان الوضع زفت وكبريت. في بيروت قضيت ثلاثة أيام قرأتُ فيها صحف البلد كافة، وبينها جريدة محترمة، لم تنشر خبراً واحداً عن مجازر سورية الأربعاء والخميس الماضيين، ونشرَتْ خبراً عن معارك في دمشق الجمعة كان مصدره سورياً. ولاحظت ان محطة تلفزيون محلية لها جمهورها لا تشير الى أي احداث في سورية. لا أعتقد ان «الجزيرة» و «العربية» اخترعتا الثورة في سورية وضحكتا علينا. ولكن أعتقد أن الانقسام عميق وعريض والناس مع أو ضد، ولا شيء بينهما. أعتقد أن الآتي أعظم.

omantoday

GMT 10:48 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 10:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 10:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 10:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 10:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 10:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 10:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان الآتي أعظم عيون وآذان الآتي أعظم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab